الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2908 - وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا له عليه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيته فخرج إليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كشف سجف حجرته ، ونادى كعب بن مالك ، قال : " يا كعب " قال : لبيك يا رسول الله ! فأشار بيده أن ضع الشطر من دينك ، قال كعب : قد فعلت يا رسول الله ، قال " قم فاقضه " . متفق عليه .

التالي السابق


2908 - ( وعن كعب بن مالك أنه تقاضى ابن أبي حدرد ) : بفتح مهملة فسكون ( دينا له عليه ) : أي طلب كعب قضاء الدين الذي كان له على ابن أبي حدرد ( في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : أي في زمانه ( في المسجد فارتفعت أصواتهما ) : جمعية الأصوات على حقيقتها وليس من قبيل صغت قلوبكما كما يتوهم إذ المعنى أصوات كلماتهما وأقوالهما ( حتى سمعها ) : أي أصواتهما ( رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : وحتى غاية الارتفاع . وهو أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( في بيته ) : جملة حالية ( فخرج إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : أي متوجها إليهما ومقبلا عليهما ( حتى كشف ) : أي : إلى أن رفع ( سجف حجرته ) : أي سترتها ، وهو بكسر السين وفتحها وإسكان الجيم لغتان ، والأول أصح ; وهو الستر وقيل أحد طرفي الستر ، وقال الداودي : السجف الباب وقيل : لا يسمى سجفا إلا أن يكون مشقوق الوسط كالمصراعين ( ونادى ) : أي رسول الله ( كعب بن مالك ، قال : يا كعب ) : استئناف لبيان النداء ( قال : لبيك يا رسول الله ) : والمقصود من النداء التوجه لقبول الخطاب ( فأشار بيده أن ضع الشطر ) : أي أبرئه النصف ( من دينك قال كعب : قد فعلت ) : أي امتثلت أمرك ( يا رسول الله ) : فيه مبالغة في امتثال الأمر ( قال ) : النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن أبي حدرد ( قم فاقضه ) : أي الشطر الثاني وفي نسخة بهاء السكت ، وفيه إشارة إلى أن لا يجتمع الحط والتأجيل ، قال الطيبي : في الحديث جواز المطالبة بالدين في المسجد والشفاعة إلى صاحب الحق والإصلاح بين الخصوم ، وحسن التوسط بينهم ، وقبول الشفاعة في غير معصية ، وجواز الاعتماد على الإشارة وإقامتها مقام القول ; لقوله فأشار بيده أن ضع الشطر ، ( فإن ) في الحديث مفسرة لأن في الإشارة معنى القول ( متفق عليه ) .

[ ص: 1957 ]



الخدمات العلمية