الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3207 - وعن علقمة عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها شيئا ، ولم يدخل بها حتى مات ، قال ابن مسعود : لها مثل صداق نسائها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث ، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال : قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بروع بنت واشق امرأة منا بمثل ما قضيت ففرح بها ابن مسعود . رواه الترمذي ، وأبو داود ، والنسائي ، والدارمي .

التالي السابق


3207 - ( وعن علقمة عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض ) : بفتح الياء وكسر الراء أي لم يقدر ولم يعين ( لها شيئا ) : أي : من المهر وفي معناه ما لا يصلح أن يكون مهرا ( ولم يدخل ) : أي : لم يجامعها ولم يخل بها خلوة صحيحة ( حتى مات فقال ) : وفي نسخة صحيحة " قال " ( ابن مسعود لها مثل صداق نسائها لا وكس ) : بفتح فسكون أي لا نقص ( ولا شطط ) : بفتحتين أي ولا زيادة ( وعليها العدة ) : أي : للوفاة ( ولها الميراث ) : فلما قضي به قال أقول فيه بنفسي فإن يك صوابا فمن الله ورسوله وإن يكن خطأ فمن ابن أم عبد ( فقام معقل ) : بفتح الميم وكسر القاف ( ابن سنان ) : بكسر السين ( الأشجعي ) : بالرفع صفة معقل ( فقال قضى رسول الله في بروع ) : بكسر الباء ويفتح وبفتح الواو غير منصرف ( بنت واشق ) : بكسر الشين المعجمة والقاف في جامع الأصول لها ذكر في الصداق ، وأهل الحديث يرونها بكسر الباء وفتح الواو وبالعين المهملة ، وأما أهل اللغة فيفتحون الباء ويقولون إنه ليس في العربية فعول إلا " خروع " لهذا النبت و " عقود " اسم واد اهـ . قلت فليكن هذا من قبيلهما ، ونقل المحدثين أحفظ من اللغويين ( امرأة منا ) : أي من بني الأشجع ( بمثل ما قضيت ففرح بها ) : أي : بالقضية أو بالفتيا ( ابن مسعود ) : لكون اجتهاده موافقا لحكمه - صلى الله عليه وسلم - ففيه تقدير المهر ولم يسمه ، وثبوت التوريث بين الزوجين ولو قبل الدخول ، ووجوب العدة بالموت على الزوجة ولو قبله ، وقال علي وجماعة من الصحابة : لا مهر لها لعدم الدخول ولها الميراث وعليها العدة ، وللشافعي قولان يوافقان قولهما ، ومذهب أبي حنيفة وأحمد كقول ابن مسعود ذكره المظهر ، قال ابن الهمام : ولنا أن سائلا سأل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عنها في صورة موت الرجل ، فقال : بعد شهر أقول فيه بنفسي فإن يك صوابا فمن الله ورسوله وأن يك خطأ فمن ابن أم عبد ، وفي رواية فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان أرى لها مهر مثلها مثل نسائها لا وكس ولا شطط . فقام رجل يقال له معقل بن سنان وأبو الجراح حامل راية الأشجعيين فقالا نشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 2102 ] قضى في امرأة منا يقال لها بروع بنت واشق الأشجعية بمثل قضائك هذا فسر ابن مسعود سرورا لم يسر مثله قط بعد إسلامه وبروع بكسر الباء الموحدة في المشهور ويروى بفتحها هكذا رواه أصحابنا ، قال المظهر : وهذا إذا مات الزوج قبل الفرض والدخول فأما إذا دخل بها قبل الفرض وجب لها مهر المثل بلا خلاف ، ومهر المثل هو مهر نساء من نسائها في المال والجمال والبكارة والثيوبة في نساء عصباتها بلا خلاف ، ومهر المثل كأخواتها من الأب والأم أو من الأب ، أو عمتها أو بنت عمتها ، فإن طلقها قبل الفرض والدخول فلها المتعة وهي شيء قدره الحاكم باجتهاده على الموسع قدره وعلى المقتر قدره مثل أن يعطيها ثوبا أو خمارا أو خاتما ( رواه الترمذي وأبو داود والنسائي والدارمي ) : قال ابن الهمام ولأبي داود روايات أخر بألفاظ قال البيهقي جميع روايات هذا الحديث وأسانيدها صحاح والذي روي من رد علي - رضي الله عنه - له فمذهب تفرد به وهو تحليف الراوي إلا أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - ولم يرد هذا الرجل ليحلفه لكنه لم يصح عنه ذلك وممن أنكر ثبوتها عنه الحافظ المنذري .




الخدمات العلمية