الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

3490 - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل : منها أربعون في بطونها أولادها ) ورواه النسائي وابن ماجه والدارمي .

التالي السابق


الفصل الثاني

3490 - ( عن عبد الله بن عمرو ) بالواو ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا ) : للتنبيه ( إن دية الخطأ ) أي دية قتل الخطأ ( شبه العمد ما كان بالسوط والعصا ) : قال الطيبي : فيه وجوه من الإعراب . أحدها : أن يكون شبه العمد صفة الخطأ ، وهو معرفة وجاز ; لأن قوله شبه العمد وقع بين الضدين ، وثانيها : أن يراد بالخطأ الجنس ، فهو بمنزلة النكرة وما على التقديرين إما موصولة أو موصوفة بدلا أو بيانا ، وثالثها : أن يكون شبه العمد بدلا من [ ص: 2282 ] الخطأ ، وما كان بدل من البدل ، وعلى هذا يجوز أن يكون التابع والمتبوع معرفتين أو نكرتين أو مختلفتين . وقوله : ( مائة من الإبل ) : خبر إن . في شرح السنة : الحديث يدل على إثبات العمد والخطأ في القتل ، وزعم بعضهم أن القتل لا يكون إلا عمدا محضا أو خطأ محضا فأما شبه العمد فلا يعرف ، وهو قول مالك : واستدل أبو حنيفة بحديث عبد الله بن عمرو ، على أن القتل بالمثقل شبه عمد لا يوجب القصاص ، ولا حجة له فيه ; لأن الحديث في السوط والعصا الخفيفة ، والقتل الحاصل بهما يكون قتلا بطريق شبه العمد ، فأما المثقل الكبير فملحق بالمحدد الذي هو معد للقتل اهـ . وأنت ترى أن العصا بإطلاقها تشمل الثقيلة والخفيفة ، فتخصيصها يحتاج إلى دليل مثله أو أقوى منه ( منها ) أي من المائة ( أربعون في بطونها أولادها ) : في شرح السنة : اتفقوا على أن دية الحر المسلم مائة من الإبل ، ثم هي في العمد المحض مغلظة في مال القاتل حالة ، وفي شبه العمد مغلظة على العاقلة مؤجلة ، وفي الخطأ مخففة على العاقلة مؤجلة ، والتغليظ والتخفيف يكون في أسنان الإبل إلى آخر ما قال كذا ذكره الطيبي . وفي كتاب الرحمة : اتفق الأئمة على أن الدية للمسلم الحر الذكر مائة من الإبل في مال القاتل العامد إذا عدل إلى الدية ، ثم اختلفوا هل هي حالة أو مؤجلة ؟ فقال مالك والشافعي وأحمد : حالة . وقال أبو حنيفة : هي مؤجلة في ثلاث سنين ، واختلفوا في دية العمد ، فقال أبو حنيفة وأحمد في إحدى روايتيه : هي أرباع لكل سن من أسنان الإبل منها خمس وعشرون بنت مخاض ، ومثلها بنت لبون ، ومثلها حقاق ، ومثلها جذاع . وقال الشافعي : تؤخذ مثلثة ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة وهي حوامل ، وبه قال أحمد في روايته الأخرى ، وأما دية شبه العمد فهي مثل دية العمد المحض عند أبي حنيفة والشافعي ، اختلفت الرواية عن مالك في ذلك ، وأما دية الخطأ فقال أبو حنيفة وأحمد : هي مخمسة عشرون جذعة ، وعشرون حقة ، وعشرون ابن لبون ، وعشرون ابن مخاض وعشرون بنت مخاض اهـ . والحكمة فيه أن هذا أحق ، وكان أليق بالخطأ فإن الخاطئ معذور في الجملة وقال الشمني : وبذلك قال مالك والشافعي ، إلا أنهما جعلا مكان ابن مخاض ابن لبون . ( رواه النسائي ، وابن ماجه ، والدارمي ) : أي عن ابن عمرو وحده .




الخدمات العلمية