الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
3623 - عن nindex.php?page=showalam&ids=16728عمير بن سعيد النخعي قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب يقول : ما كنت لأقيم على أحد حدا فيموت فأجد في نفسي منه شيئا إلا nindex.php?page=treesubj&link=33444صاحب الخمر ; فإنه لو مات وديته وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه . متفق عليه .
3623 - ( عن عمير ) بالتصغير ( ابن سعيد ) بالياء ( النخعي ) بفتحتين لم يذكره المؤلف في أسمائه قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : ما كنت لأقيم ) بكسر اللام ونصب الميم وتسمى لام الجحود ( على أحد حدا ) قال الطيبي : دخل اللام في خبر كان تأكيدا كقوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وما كان الله ليضيع إيمانكم وقوله ( فيموت ) مسبب من أقيم وقوله ( فأجد ) مسبب عن مجموع السبب والمسبب اه وفي نسخة بالرفع فيهما بتقدير هو في الأول وأنا في الثاني بعد فإنهما والمعنى فأصادف ( في نفسي فيه ) أي من ذلك الحد أو المحدود ( شيئا ) أي مما يريبني ويزعجني ( إلا صاحب الخمر فإنه لو مات ) أي بسبب الزيادة على الأربعين كما هو الظاهر مما سبق ( وديته ) أي غرمت ديته ، قال الطيبي : الاستثناء منقطع أي لكن أجد من حد صاحب إذا مات شيئا ويجوز أن يقدر ما أجد من موت أحد يقام عليه الحد شيئا إلا من موت صاحب الخمر فيكون متصلا ( وذلك ) أي مجموع ما ذكر أو الوجدان أو الاستثناء ( أن ) أي بأن أو ; لأن ( رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه ) بفتح فضم فنون مشددة مفتوحة لا غير أي لم يقدر فيه حدا مضبوطا معينا وإلا فمعلوم أنه أمر بضربه ، قال النووي : أجمعوا على أن nindex.php?page=treesubj&link=33444من وجب عليه حد فجلده الإمام أو جلاده الحد الشرعي فمات فلا دية فيه ، ولا كفارة على الإمام ولا على جلاده ولا في بيت المال ، وأما nindex.php?page=treesubj&link=33444_10651من مات بالتعزير فمذهبنا وجوب ضمانه بالدية والكفارة ، قال ابن الهمام : ومن حده الإمام أو عزره فمات فدمه هدر ، وهو قول مالك وأحمد وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يضمن ثم في قول تجب الدية في بيت المال ; لأن نفع عمله يرجع إلى عامة المسلمين فيكون الغرم الذي يلحقه بسبب عمله لهم ، عليهم وفي قول يجب على عاقلة الإمام ; لأن أصل التعزير غير واجب عليه ولو وجب فالضرب غير متعين في التعزير فيكون فعله مباحا ، فيتقيد بشرط السلامة ولم يسلم فتجب على عاقلته وهذا يخص التعزير ونحن نقول : إن الإمام مأمور بالحد والتعزير عند ظهور الانزجار له في التعزير لحق الله تعالى وفعل المأمور لا يتقيد بشرط السلامة كما في الفساد ولأنه لا بد من الفعل وإلا عوقب والسلامة خارجة عن وسعه إذ الذي في وسعه أن لا يتعرض بسببها القريب وهو ما بين أن يبالغ في التخفيف فلا يسقط الوجوب عنه به أو بفعل ما يقع عنه زاجرا وهو ما هو مؤلم زاجر وقد يتفق أن يموت الإنسان به فلا يتصور الأمر بالضرب المؤلم الزاجر مع اشتراط السلامة عليه بخلاف المباحات فإنها رفع الجناح في الفعل وإطلاقه وهو مخير فيه بعد ذلك غير ملزم به فصح تقييده بشرط السلامة كالمرور في الطريق والاصطياد ولهذا يضمن إذا عزر امرأته فماتت لأنه مباح ومنفعته ترجع إليه كما ترجع إلى المرأة من وجه آخر وهو استقامتها على ما أمر الله به ، وذكر الحاكم لا يضرب امرأته على ترك الصلاة ويضرب ابنه وكذا nindex.php?page=treesubj&link=10651_16803المعلم إذا أدب الصبي فمات لا يضمن عندنا nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي أما لو nindex.php?page=treesubj&link=27427جامع امرأته فماتت لا يضمن عند أبي حنيفة وأبي يوسف ذكره في المحيط مع أنه مباح فيتقيد بشرط السلامة لأنه [ ص: 2376 ] يضمن المهر بذلك الجماع فلو وجبت الدية وجب ضمانات بمضمون واحد ، وقال الطيبي : يمكن أن يراد بقوله لم يسنه الحد الذي يؤدي إلى التعزير كما سيأتي بعد وسبق بيانه في حديث أنس ومشاورة عمر عليا ، وحديث عثمان معه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وقوله حسبك وتلخيص المعنى أنه إنما خاف من سنة سنها عمر وقررها برأي علي لا مما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جلد أربعين ، وقد استدل عليه الشيخ محيي الدين بدلائل على إثباته وروينا في شرح السنة nindex.php?page=hadith&LINKID=10362943أن عليا قال لجعفر لما بلغ أربعين : حسبك ، جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين وجلد أبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة ، وهذا أحب إلي . وقد أورده الشيخ محيي الدين أيضا في شرح صحيح مسلم فإن قلت : كيف قال : إن الثمانين أحب إلي ثم أخاف منه ، قلت : إن المحبة والخوف يتفاوت بحسب الأشخاص والأوقات اه . وفيه الظاهر من قوله هذا أحب إلي أن المشار إليه عدد الأربعين بقرينة قوله : حسبك لا عدد الثمانين وإن كان أقرب بحسب اللفظ ويقويه أنه لا خوف في الأقل المتيقن والله تعالى أعلم ( متفق عليه ) .