الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

3739 - عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من حاكم يحكم بين الناس ، إلا جاء يوم القيامة وملك آخذ بقفاه ، ثم يرفع رأسه إلى السماء ، فإن قال : ألقه ألقاه في مهواة أربعين خريفا " . رواه أحمد وابن ماجه والبيهقي في " شعب الإيمان " .

التالي السابق


الفصل الثالث

3739 - ( عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من حاكم ) : ( من ) زائدة للاستغراق و ( حاكم ) نكرة في سياق النفي فيشمل كل عادل وظالم ( يحكم بين الناس إلا جاء يوم القيامة وملك آخذ ) : بصيغة الفاعل ( بقفاه ، ثم يرفع ) : أي الملك ( رأسه إلى السماء ) : أي منتظرا لأمر الله فيه ( فإن قال ) : أي الله تعالى ( ألقه ) : بسكون الهاء وكسر مع إشباعه وقصره ; أي : ارمه ( ألقاه في مهواة ) : بفتح فسكون ; أي مهلكة ومسقطة ( أربعين خريفا ) : أي سنة . ففي النهاية : الخريف الزمان المعروف من فصول السنة ما بين الصيف والشتاء ، ويريد به أربعين سنة ; لأن الخريف في السنة لا يكون إلا مرة واحدة ، وأربعين مجرورا لمحل صفة ( مهواة ) ; أي : مهواة عميقة فكني عنه لأربعين ، إذ لم يرد به التحديد ، بل المبالغة في العمق ذكره الطيبي ، وفى نسخة بالإضافة ، وفي المغرب : المهواة ما بين الجبلين ، قيل : من الهوة وهى الحفرة ، وقول ابن مسعود : رفعه في مهواة أربعين خريفا على الإضافة ، يعني في غمرة عمقها مسافة أربعين سنة ، هذا وقال الطيبي ، قوله : ملك آخذ بقفاه ، ثم يرفع رأسه ، يدل على كونه مقهورا في يده كمن رفع رأسه الغل مقمحا . قال تعالى : إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون ، ثم قال : قوله ( فإن قال ) الفاء للتفصيل ، وإن الشرطية تدل على أن غيره لا يقال في حقه ذلك ، بل يكون حاله على عكس ذلك ، فيقال في حقه : أدخله الجنة ، فالمعنى وإن قال أدخله الجنة أدخلها ، فهذا الحديث كحديث أبي أمامة المذكور في الفصل الثالث من كتاب الإمارة والقضاء وهو قوله : ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله عز وجل مغلولا يوم القيامة يداه إلى عنقه فكه بره ، أو أوبقه إثمه اهـ . ولا يخفى بعد ضمير يرفع بعد ( ثم ) إلى الحاكم ، فالصواب ما قدمناه أنه راجع إلى الملك والله أعلم ، ثم رأيت الحديث في الجامع الصغير بلفظ : ما من حاكم يحكم بين الناس إلا يحشر يوم القيامة وملك آخذ بقفاه حتى يقفه على جهنم ، ثم يرفع رأسه إلى الله ، فإن قال الله تعالى ألقه ألقاه في مهواة أربعين خريفا اهـ . وهو صريح فيما قلنا على ما لا يخفى ( رواه أحمد ، وابن ماجه ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ) .




الخدمات العلمية