الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3794 - وعن أبي عبس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار " رواه البخاري .

التالي السابق


3794 - ( وعن أبي عبس رضي الله عنه ) : بفتح فسكون موحدة . قال المؤلف . هو عبد الرحمن بن جبير الأنصاري الحارثي غلبت عليه كنيته ، شهد بدرا ومات بالمدينة سنة أربع وثلاثين ودفن بالبقيع وله سبعون سنة . ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما اغبرت قدما عبد ) : وفي رواية المستملي : اغبرتا ، ذكره السيوطي ، فيكون من قبيل أكلوني البراغيث ، والمعنى صارتا ذاتي غبار ( في سبيل الله ) ; هو في الحقيقة كل سبيل يطلب فيه رضاه ، [ ص: 2459 ] فيتناول سبيل طلب العلم وحضور صلاة جماعة وعيادة مريض وشهود جنازة ونحوها ، ولكنه عند الإطلاق يحمل على سبيل الجهاد ، وقيل : يحمل على سبيل الحج لخبر : إن رجلا جعل بعيرا له في سبيل الله ، فأمره - صلى الله عليه وسلم - أن يحمل عليه الحاج ، ومن هنا وقع الاختلاف في مصروف الزكاة عند قوله تعالى : ( وفي سبيل الله ) هل هو منقطع الغزاة ، وهو قول أبي يوسف ، أو منقطع الحاج ، وهو قول محمد . ( فتمسه النار ) : بنصب تمسه على ما صرح به السيوطي وغيره ; أي : إن المس منتف بوجود الغبار المذكور قبل عدم الاغبرار ; أي عدم الجهاد فيما إذا كان فرض عين سبب للمس ; لأن سببية الكل تستلزم سببية الجزء ، وقيل هو من باب التعليق بالمحال ; أي ليس في شأن المجاهد سبب للمس إلا أن يفرض أن جهاده سبب له ، وهو ليس بسبب له ، فالاغبرار ليس سببا له . قال البرماوي : أي أن الاغبرار المترتب عليه المس منتف بانتفاء المس فقط . قال الطيبي ، قوله : فتمسه النار مسبب عن قوله : اغبرت ، والنفي منصب على القبيلين معا ، وفائدته أن غير المذكور محال حصوله ، فإذا كان مس الغبار قدميه دافعا لمس النار إياه ، فكيف إذا سعى فيها واستفرغ جهده ، وألقى النفس النفيس عليها بشراشره فقتل وقتل . ( رواه البخاري ) . وكذا الترمذي والنسائي .




الخدمات العلمية