الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3844 - وعن يعلى بن أمية رضي الله عنه ، قال : آذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغزو وأنا شيخ كبير ليس لي خادم ، فالتمست أجيرا يكفيني ، فوجدت رجلا سميت له ثلاثة دنانير فلما حضرت غنيمة ، أردت أن أجري له سهمه ، فجئت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له . فقال : " ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي تسمي " . رواه أبو داود .

التالي السابق


3844 - ( وعن يعلى بن أمية ) : بالتصغير ( قال : آذن ) : بالمد ; أي أعلم ، أو نادى ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغزو : أي بالخروج للغزو ( وأنا شيخ كبير ليس لي خادم ) : قال الطيبي : ( ليس لي خادم ) صفة ( شيخ ) ; أي : ليس لي من يخدمني في الغزو ويعاونني اه . والظاهر أنه خبر ثان ، أو حال من المبتدأ على مذهب من يجوزه ، ولو كان صفة شيخ لقال : ليس لي خادم ( فالتمست ) : أي طلبت ( أجيرا يكفيني ، فوجدت رجلا سميت له ثلاثة دنانير : وفي نسخة : سمي ; أي عين له ثلاثة دنانير ، ولعلها ما عدا الأكل والشرب وتوابعها ( فلما حضرت غنيمة ) : أي وقعت وحصلت ( أردت أن أجري ) : من الإجراء ; أي أمضي ( له سهمه ) : أي راكبا ، أو ماشيا كسائر الغزاة . فترددت في جوازه وعدمه ( فجئت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ) : أي القضية ( قال : ما أجد ) : أي ما أعرف ( له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي تسمى ) : بصيغة المجهول ; أي تعين ، ولعل اختيار المضارع لاستحضار الحال الماضية وتقبيح حاله في ميله إلى المال وإعراضه عن المآل . في شرح السنة : اختلفوا في الأجير للعمل وحفظ الدواب يحضر الواقعة هل يسهم له ؟ فقيل : لا سهم له ، قاتل أو لم يقاتل إنما له أجرة عمله ، وهو قول الأوزاعي وإسحاق وأحد قولي الشافعي ، وقال مالك وأحمد : يسهم له كان لم يقاتل إذا كان مع الناس عند القتال ، وقيل : يخير بين الأجرة والسهم اه . ويظهر لي قول - والله تعالى أعلم به - أنه إذا قاتل ولم يشترط في إجارته القتال يجمع له من الأجرة والسهم ; لأنهما غير متنافيين بل متعاضدين ، وهو ظاهر قاعدة مذهبنا السابق بأن الإجارة يجتمعان . ( رواه أبو داود ) .




الخدمات العلمية