الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3930 - وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ، ثم قام في الناس فقال : " يا أيها الناس ! لا تتمنوا لقاء العدو ، واسألوا الله العافية ، فإذا لقيتم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " ، ثم قال : " اللهم منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم " متفق عليه .

التالي السابق


3930 - ( وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أيامه التي لقي فيها العدو ) : أي : الكفار في الغزو ( انتظر حتى مالت الشمس ) : أي : ليطلب الوقت ، ويؤدي الصلاة ( ثم قام ) : أي : خطيبا ( في الناس ) : أي : فيما بينهم ، أو لأحدهم ( فقال : يا أيها الناس ) : ولعل العدول عن يا أيها المؤمنون ليعم المنافقين ( لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية ) : أي : اطلبوه كفاية شر الأعداء ( فإذا لقيتم فاصبروا ) : أي : على البلاء . قال النووي : وإنما نهى عن تمني لقاء العدو لما فيه من صورة الإعجاب ، والاتكال على النفس ، والوثوق بالقوة ، وأيضا هو يخالف الحزم والاحتياط ، وأول بعضهم النهي في صورة خاصة ، وهي إذا شك في المصلحة في القتال ، ويمكن حصول ضرر ، وإلا فالقتال كله فضيلة وطاعة ، والأول هو الصحيح . ( واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) : أي : كون المجاهد بحيث تعلوه سيوف الأعداء سبب للجنة ، أو المراد سيوف المجاهدين ، وإنما ذكر السيوف ; لأنها أكثر آلات الحروب . وفي النهاية : وهو كناية عن الدنو من الضرب في الجهاد ، حتى يعلوه السيف ويصير ظله عليه ، والظل الفيء الحاصل من الحاجز بينك وبين الشمس ; أي شيء كان ، وقيل : هو مخصوص بما كان منه إلى زوال الشمس ، وما كان بعده فهو الفيء ، وقال النووي : معناه ثواب الله ، والسبب الموصل إلى الجنة عند الضرب بالسيوف ، ومشي المجاهدين في سبيل الله فاحضروا فيه بصدق النية واثبتوا .

( ثم قال : اللهم منزل الكتاب ) : أي : جنسه ، أو القرآن ( ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب ) : أي : أصناف الكفار السابقة من قوم نوح وثمود وعاد وغيرهم ( اهزمهم ) : أي : هؤلاء الكفار بحولك ونصرك ( وانصرنا عليهم ) : أي : ليكون لنا أجر الغزو بسبب المباشرة ، قال الطيبي : وفي قوله : انتظر حتى مالت الشمس إشارة إلى الفتح والنصرة ; لأنه وقت هبوب الرياح ونشاط النفوس ، وقالوا سببه فضيلة أوقات الصلاة والدعاء عندها ، والوجه الجمع بينهما لما نص عليه في الحديث الآخر المخرج في البخاري من طريق النعمان بن مقرن قال : شهدت القتال مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فكان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تهب الأرياح وتحضر الصلاة . وفي رواية أبي داود : حتى تزول الشمس ، وتهب الرياح ، وينزل النصر ، قال التوربشتي : ومصداق ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " نصرت بالصبا " وفيه استحباب الدعاء والاستغناء عند القتال . ( متفق عليه ) : ورواه أبو داود ، وفي رواية للشيخين : " اللهم منزل الكتاب ، سريع الحساب ، اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم " .

[ ص: 2531 ]



الخدمات العلمية