الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
413 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه ، وأذنيه : باطنهما بالسباحتين ، وظاهرهما بإبهاميه . رواه النسائي .

التالي السابق


413 - ( وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي مسح برأسه وأذنيه ) : ظاهره أنه مسحهما بماء رأسه وهو يوافق مذهبنا ( باطنهما ) : بالجر على البدلية من لفظ أذنيه ، والنصب بدل من محله ، والمراد بالباطن الجانب الذي فيه الثقب ( بالسباحتين ) : يعني المسبحتين ، سميتا بذلك لكثرة التسبيح بهما غالبا ، وهما السبابتان ، والسباحة والمسبحة من التسميات الإسلامية كراهة لمعنى السبابة ، وهو أن الجاهلية كانوا يسبون الناس ويشيرون بها إليهم فهي من جملة الأسماء التي غيرها عليه الصلاة والسلام ( وظاهرهما ) : بالوجهين وهو الطرف الذي يلتصق بالرأس ( بإبهاميه ) : قال ابن حجر : والأولى غسلهما مع الوجه ومسحهما مع الرأس خروجا من الخلاف ، وفيه أنه لم يعرف في شرع جمع عضو واحد بالغسل والمسح . وأيضا وجود المسح بعد الغسل عبث ظاهر ! نعم صح المسح والغسل في الرجلين على ما قاله بعض الظاهرية ، فله وجه وجيه أن قدم المسح على الغسل ، فإن الغسل بعده يقع تكميلا له مع الخروج عن الخلاف ، ولم أرد خلاف الشيعة وإنما أريد ما روي عن ابن عباس من أن الفرض هو المسح ، وما حكي عن أحمد والأوزاعي والثوري وابن جبير من جواز مسح جميع القدمين ، فإن الإنسان مخير عندهم بين الغسل والمسح ، ثم غسل الأذن بكماله مذهب الزهري . وقال الشعبي وجماعة : ما أقبل منهما يغسل وما أدبر منهما مع الرأس ، ولا يجوز الاقتصار بالمسح على الأذنين عوضا عن مسح الرأس بالإجماع ، ثم الجمهور على أنه لا يكرر مسح الأذن خلافا للشافعي ، وأيضا الغسل يقوم مقام المسح في الجملة بخلاف المسح ، فإنه لا يقوم مقام الغسل ، فإن الظاهر أن مقصود الشارع إنما هو الطهارة الكاملة ، ففاعل الغسل قام بالأحوط ، فلا يحتاج إلى المسح بخلاف الماسح ، ولعل عدم غسل الرأس في الوضوء لدفع الحرج ، فإن الوضوء يحتاج إليه كل يوم بخلاف الغسل ، ولهذا كثافة اللحية في الوضوء مانعة لوجوب غسل ما تحتها بخلاف الغسل . ( رواه النسائي ) : قال ابن حجر : وابن ماجه ، وسنده حسن .

[ ص: 414 ]



الخدمات العلمية