الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
444 - وعن علي رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل بها كذا وكذا من النار " . وقال علي : فمن ثم عاديت رأسي ، فمن ثم عاديت رأسي ، فمن ثم عاديت رأسي . ثلاثا ، رواه أبو داود ، وأحمد والدارمي ، إلا أنهما لم يكررا : فمن ثم عاديت رأسي .

التالي السابق


444 - ( وعن علي ) : رضي الله عنه ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( " من ترك موضع شعرة " ) : بالسكون ويفتح ( " من جنابة " ) : متعلق بقوله : من ترك . أي : من أجل غسل جنابة ونحوها ( " لم يغسلها " ) : صفة موضع شعرة ، وأنث الضمير باعتبار المضاف إليه ، كذا قاله الطيبي ، ويحتمل أن يرجع الضمير إلى المضاف إليه كما قيل في قوله تعالى : أو لحم خنزير فإنه رجس ويكون التقدير : لم يغسل تحتها ( " فعل " ) : مبني للمفعول نائب الفاعل ضمير من ترك ( " بها " ) : أي : بسبب تلك الشعرة ( " كذا وكذا من النار " ) كنايتين عن العدد ، أي : يضاعف له العذاب أضعافا كثيرة قاله الطيبي . وقال بعضهم : هذا إما كناية عن أقبح ما يفعل به ، أو إبهام من شدة الوعيد ( قال علي : فمن ثم ) : أي : من أجل أني سمعت هذا التهديد والوعيد الشديد ( عاديت رأسي ) : مخافة أن لا يصل الماء إلى جميع شعري ، أي : عاملت مع رأسي معاملة المعادي مع العدو ، من القطع والجز ، فجززته وقطعته ، وروى الدارمي وأبو داود في آخر هذا الحديث أنه كان يجز شعره ، وقيل : عاديت رأسي ، أي : شعري ، كذا نقله السيد جمال الدين . وعن أبي عبيدة : عاديت شعري رفعته عند الغسل ( فمن ثم عاديت رأسي ) : أي : فعلت برأسي ما يفعل بالعدو من الاستئصال وقطع دابره " . قال الطيبي : وفيه أن المداومة على حلق الرأس سنة ; لأنه صلى الله عليه وسلم قرره ، ولأن عليا رضي الله تعالى عنه من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بمتابعة سنتهم اهـ .

ولا يخفى أن فعله كرم الله وجهه إذا كان مخالفا لسنته صلى الله عليه وسلم وبقية الخلفاء من عدم الحلق إلا بعد فراغ النسك - يكون رخصة لا سنة ، والله تعالى أعلم . ثم رأيت ابن حجر نظر في كلام الطيبي ، وذكر نظير كلامي ، وأطال الكلام فيه ، ( ثلاثا ) : أي : قاله ثلاثا للتأكيد ، ولو كان في المتن مرتين ، والمعنى : ما عاديته لا لغرض آخر من الزينة والتنعم ، وفيه نوع اعتذار عن ترك المتابعة ظاهرا ، وسببه كثرة الجماع الموجبة لكثرة الغسل ، ( رواه أبو داود ، وأحمد ، والدارمي ، إلا أنهما ) : أي : أحمد والدارمي ( لم يكررا : فمن ثم عاديت رأسي ) : أي : هذا اللفظ واكتفيا بمرة ، وبقولهما ثلاثا . والحديث حسن فيقوى به حديث الترمذي السابق ، مع أن الضعف فيه إنما هو في إسناد الترمذي دون إسنادي أبي هريرة والترمذي .




الخدمات العلمية