الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4617 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم كأنا في دار عقبة بن رافع ، فأوتينا برطب من رطب ابن طاب ، فأولت أن الرفعة لنا في الدنيا ، والعاقبة في الآخرة ، وأن ديننا قد طاب " . رواه مسلم .

التالي السابق


4617 - ( وعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم ) : أي في جملة ما يراه النائم الصالح الرؤيا ( كأنا ) بتشديد النون يعني : أنا وأصحابي ( في دار عقبة بن رافع ، فأتينا ) : أي جئنا ( برطب من رطب ابن طاب ) ، بالتنوين بناء على أن الطاب بمعنى الطيب على ما في القاموس ، وفي نسخة بفتح الباء على عدم صرفه ، ولعله رعاية لأصله ، فإنه ماض مبني على الفتح . قيل : هو رجل من أهل البادية ينسب إليه نوع من التمر . وقال النووي : هو رجل من أهل المدينة ، وفي القاموس : وطيبة المدينة النبوية كطابة ، وعذق بن طاب نخل بها ، أو ابن طاب ضرب من الرطب . ( فأولت أن الرفعة ) : أي التي هي أصل رافع ( لنا في الدنيا ) ، لقوله تعالى : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم ) ( والعاقبة ) : أي المأخوذة من عقبة ( في الآخرة ) : أي لنا ; لقوله تعالى : ( والعاقبة للتقوى ) أي : العاقبة الحسنة لاشتهارها فيها . ( وأن ديننا ) : أي مذوقنا المعنوي الذي يقال له حلاوة الإيمان المشبه بالرطب ( قد طاب ) أي : كمل إحكامه وحسن زمانه وأيامه . قال المظهر : تأويله هكذا قانون في قياس التعبير على ما يرى في المنام بالأسماء الحسنة ، كما أخذ العاقبة من لفظ عقبة ، والرفعة من رافع ، وطيب الدين من طاب اهـ .

وحاصله أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحب الفأل الحسن ، ويكره التطير ، وإلا فالأسماء والألفاظ ذوات جهات من المعاني المختلفة ، فبالنسبة إلى الأعداء يمكن أخذ العقوبة من عقبة ، ورفعهم من رافع ، وطاب موتهم من طاب ، وجملة الأمر أن مسلك الرؤيا دقيق يحتاج إلى نوع توفيق . قال النووي : العقب والعقبى يختصان بالثواب نحو : ( هو خير ثوابا وخير عقبا ) ، والعاقبة إطلاقها يختص بالثواب نحو : ( والعاقبة للمتقين ) وبالإضافة قد تستعمل في العقوبة نحوه : ( ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوءى ) قلت : العاقبة في الآية ليست بمعنى العقوبة ، بل بمعنى عاقبة أمرهم ونهاية قولهم وفعلهم ، أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون ، نعم في قوله تعالى : ( فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين ) له وجه أن يكون بمعنى العقوبة والله أعلم . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية