الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4623 - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ورقة ، فقالت له خديجة : إنه كان قد صدقك ، ولكن مات قبل أن تظهر ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " أريته في المنام ، وعليه ثياب بيض ، ولو كان من أهل النار كان عليه لباس غير ذلك " . رواه أحمد ، والترمذي .

التالي السابق


4623 - ( وعن عائشة قالت : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ورقة ) : بفتحات ، أي : ابن نوفل بن أسد القرشي ابن عم خديجة أم المؤمنين ، كان تنصر في الجاهلية وقرأ الكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، ذكره المؤلف في فصل الصحابة ، لكن لا يلزم من ذكره فيه كونه صحابيا ، كما أنه ذكر أبا جهل في التابعين وليس منهم إجماعا ، نعم ورقة أدرك أول النبوة ، وسيأتي حديثه معه عليه الصلاة والسلام في باب بدء الوحي ، وحاصل السؤال أنه هل هو من أهل النار أم لا ؟ ( فقالت ) : بيان السؤال والسائل ( له ) أي : لأجل ورقة وتحقيق أمره ( خديجة إنه ) أي : الشأن أو أن ورقة ( كان ) أي : قبل حياته ( قد صدقك ) ، بالتشديد أي : في نبوتك ( ولكن مات قبل أن تظهر ) ، أي : قبل ظهورك للبعثة والرسالة ، وسيأتي أنه قد تمنى لحوقها . ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : أريته ) : بصيغة المجهول ، أي : أرانيه الله ( في المنام ) : وهو بمنزلة الوحي للأنبياء . وحاصل الجواب أنه لم يأتني وحي جلي ، ودليل قطعي ، لكن رأيته في المنام . ( وعليه ثياب بيض ، ولو كان من أهل النار لكان عليه لباس غير ذلك ) . وكأنه - صلى الله عليه وسلم - عبر ثوبه عليه بدينه ، وأن الظاهر عنوان الباطن ، وقد قالت الصوفية : من رق ثوبه رق دينه .

قال الطيبي : فإن قلت : ما معنى الاستدراك ؟ قلت : أدخلت خديجة كلامها بين سؤال السائل وجوابه استشعارا منها بأنه - صلى الله عليه وسلم - يجيب بما تكرهه ، أو استذكارا لما عرف - صلى الله عليه وسلم - من حال ورقة ; لأن ورقة كان ابن عمها . يعني : إنه لم يدرك زمان دعوتك ليصدقك ، ويأتي بالأعمال على موجب شريعتك ، لكن صدقك قبل مبعثك اهـ . فانظر إلى المحلين واختر الأحلى من الخلين . ( رواه أحمد ، والترمذي ) .




الخدمات العلمية