9812 وعن ، عن عروة بن الزبير قال : قلت له : عبد الله بن عمرو قريشا أصابت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما كانت تظهر من عداوته ؟ . قال : حضرتهم ، وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط ، سفه أحلامنا ، وشتم آباءنا ، وعاب ديننا ، وفرق جماعتنا ، وسب آلهتنا ، لقد صبرنا منه على أمر عظيم . أو كما قالوا .
قال : فبينما هم في ذلك إذ طلع عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبل يمشي حتى استلم الركن ، ثم مر بهم طائفا بالبيت ، فلما مر بهم غمزوه ببعض ما يقول قال : فعرفت ذلك في وجهه . ثم مضى ، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها ، فعرفت ذلك في وجهه ، ثم مضى ، فلما مر بهم الثالثة ، فغمزوه بمثلها فقال : " أتسمعون يا معشر قريش ، أما والذي نفس محمد بيده ، لقد جئتكم بالذبح " . فأخذت القوم كلمته ، حتى ما منهم رجل إلا على رأسه طائر واقع ، حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ، ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول ، حتى إنه ليقول : انصرف يا أبا القاسم ، [ ص: 16 ] انصرف راشدا ، فوالله ما كنت جهولا . فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر ، وأنا معهم ، فقال بعضهم لبعض : ذكرتم ما بلغ منكم ، وما بلغكم عنه ، حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه ، فبينما هم في ذلك ، إذ طلع عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوثبوا إليه وثبة رجل واحد ، فأطافوا به يقولون : أنت الذي تقول كذا وكذا ؟ لما كان يبلغهم من عيب آلهتهم ودينهم قال : فيقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " نعم ، أنا الذي أقول ذلك " . قال : فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه ، وقام أبو بكر دونه ، يقول : وهو يبكي : ثم انصرفوا عنه ، فإن ذلك لأشد ما رأيت أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله قريشا بلغت منه قط . قلت : في الصحيح طرف منه . رواه ما أكثر ما رأيت أحمد ، وقد صرح بالسماع ، وبقية رجاله رجال الصحيح . ابن إسحاق