الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 355 ] ذكر خبر آخر يدل على الرخصة

والغالب أن الرخصة لا تكون إلا بعد النهي

قرأت على محمد بن عمر بن أحمد الحافظ ، أخبرك الحسين بن أحمد القاري ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا محمد بن أحمد العبدي الجرجاني ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن شيرويه ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أخبرنا المعتمر بن سليمان ، سمعت حميدا الطويل يحدث عن أبي المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبلة للصائم ورخص في الحجامة .

أخبرني محمد بن محمد بن الجنيد الصوفي ، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الله الفقيه ، أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله ، حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن خلاد بن عبد الرحمن ، عن شقيق بن ثور أحسبه عن أبيه ، قال : سألت أبا هريرة عن الصائم يحتجم ؟ قال : يقولون : أفطر الحاجم والمحجوم ، ولو احتجم ما باليت . قالوا : وهذا القول من أبي هريرة يدل على أنه قد ثبت عنده الرخصة ، وذكر الشافعي في رواية حرملة قال : وقد قال بعض من روى أفطر الحاجم والمحجوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بهما يغتابان رجلا فقال : أفطر الحاجم والمحجوم لأنهما كانا يغتابان .

[ ص: 356 ] أخبرنا محمد بن علي السميري ، أخبرنا زاهر بن أبي عبد الرحمن ، أخبرنا أحمد بن الحسين ، أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أخبرنا أبو الحسن الطرائقي ، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، حدثنا أبو النضر ، حدثنا يزيد بن ربيعة ، حدثنا أبو الأشعث ، عن ثوبان قال : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل وهو يحتجم ، وهو يعرض برجل فقال - عليه السلام - : أفطر الحاجم والمحجوم . كذا رواه النضر ، ورواه الوحاظي ، عن يزيد بن ربيعة ، عن أبي الأشعث الصنعاني أنه قال : إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : أفطر الحاجم والمحجوم ؛ لأنهما كانا يغتابان .

ثم حمل الشافعي أفطر الحاجم بالغيبة على سقوط أجر الصوم ، وجعل نظير ذلك أن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمتكلم يوم الجمعة : لا جمعة لك . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : صدق ، ولم يأمر بالإعادة ، فدل على أن ذلك محمول على إسقاط الأجر ، وقال فيمن أشرك : فقد حبط عمله ، وكان معناه أجر عمله ، والله أعلم ؛ لأنه لو ابتاع بيعا ، أو باعه ، أو قضى حقا عليه ، أو أعتق ، أو كاتب لم يحبط عمله ، وأحبط أجر عمله ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية