وأما المسألة الثانية : في فقد ذهب أكثر المتأخرين على جوازه ، وقالوا : الناسخ في الحقيقة - هو الله تعالى - والكل من عنده ، فما المانع منه ؟ وأي تأثير لاعتبار التجانس في ذلك مع أن العقل لا يحيله ، والسمع دل على وقوعه ؟ وقد روي في ذلك حديث في سنده مقال . نسخ السنة بالكتاب ،
قرأت على أبي بكر محمد بن ذاكر بن محمد ، أخبرك أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن القاري ، محمد بن أحمد بن عبد الرحيم ، أخبرنا حدثنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ ، حدثنا محمد بن مخلد ، محمد بن داود القنطري أبو حفص الكبير ، حدثنا جبرون بن واقد ببيت المقدس ، حدثنا عن سفيان بن عيينة ، أبي الزبير ، عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : جابر بن عبد الله كلامي لا ينسخ كلام الله ، وكلام الله ينسخ كلامي ، وكلام الله ينسخ بعضه بعضا .
جبرون بن واقد لا يعرف له سوى حديثين ؛ هذا أحدهما وهو منكر ، ولا أعلم رواه غيره .
وخالفهم في ذلك جماعة ، وقالوا : لا بد من اعتبار التجانس ، قالوا : [ ص: 109 ] الكتاب مجمل ، والسنة مبينة ، وفي تجويز إخلال بمقصود التفاهم ، وتفاصيل مذاهب الكل مذكورة في كتب أصول الفقه ، والقصد هنا الإيماء إلى جمل من ذلك . نسخ المبين بالمجمل
وإذ تمت المقدمة ، فلنشرع الآن في المقصود ، مرتبا على أبواب الفقه ؛ ليكون أسهل تناولا ، والله تعالى يديم به النفع ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .