[ ص: 176 ] ذكر دليله
أخبرني أبو موسى الحافظ ، أخبرنا الحسن بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا محمد بن بكر في كتابه ، حدثنا أبو داود ، حدثنا مولى محمد بن إسماعيل بني هاشم ، حدثنا الثقفي ، عن خالد ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن ، أنه انطلق وناس إلى قال : فدخلوا ، وقعدت على الباب ، فخرجوا إلي فأخبروني أن عبد الله بن عكيم ، أخبرهم عبد الله بن عكيم ، . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى جهينة قبل موته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب
هذا حديث حسن على شرط أبي داود والنسوي ؛ أخرجاه في كتابيهما [ ص: 177 ] من عدة طرق ، وقد روي عن الحكم من غير وجه ، وفيهما اختلاف ألفاظ .
ومن ذهب إلى هذا الحديث قال : المصير إلى هذا الحديث أولى ؛ لأن فيه دلالة النسخ ، ألا ترى أن حديث سلمة يدل على أن الرخصة كانت يوم تبوك ! وهذا قبل موته بشهر ، فهو بعد الأول بمدة ؛ ولأن في حديث : " حتى تخرقت " ، وفي رواية أخرى " كنا ننبذ فيه حتى صار شنا " ، ولا تتخرق القربة ولا تصير شنا في شهر ، وفي بعض الروايات عن سودة عن الحكم بن عتيبة ، : أنه انطلق وناس معه إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى نحوا مما ذكرناه . عبد الله بن عكيم
قال خالد : أما أنه قد حدثني أنه كتب إليهم قبل هذا الكتاب بكتاب آخر . قلت : في تحليله ؟ قال : ما تصنع به ؟ هذا بعده .
كذا رواه الدارمي ، وقال : وفي قول خالد هذا دليل على أنه كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم في ذلك ، وأن التشديد كان بعد ، ولو اشتهر بحديث تحليل قبل التشديد بلا مقال فيه كحديث ابن عكيم في الرخصة لكان لحديثنا أولى أن يؤخذ به ، ولكن في إسناده اختلاف : رواه ابن عباس الحكم مرة عن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، ورواه عنه ابن عكيم ، عن القاسم بن مخيمرة ، خالد ، عن الحكم ، وقال : إنه لم يسمعه من ولكن من أناس دخلوا عليه ثم خرجوا فأخبروه به ، ولولا هذه العلل لكان أولى الحديثين أن يؤخذ به حديث ابن عكيم ، لأنه إنما يؤخذ من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بالآخر فالآخر ، والأحدث فالأحدث ، على أن جماعة أخذوا به ، وذهب إليه من الصحابة ابن عكيم ؛ وابنه عمر بن الخطاب ، عبد الله ، وعائشة .
وأخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الخطيب ، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب [ ص: 178 ] العبدي ، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب ، أخبرنا قال : حكي أن أبو الشيخ الحافظ ناظر إسحاق بن راهويه - الشافعي حاضر - في جلود الميتة إذا دبغت فقال وأحمد بن حنبل : " دباغها طهورها " فقال له الشافعي إسحاق : ما الدليل ؟ فقال : حديث عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، ميمونة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ؟ فقال له هلا انتفعتم بإهابها إسحاق : حديث : ابن عكيم فهذا يشبه أن يكون ناسخا لحديث كتب إلينا النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل موته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ميمونة ؛ لأنه قبل موته بشهر ، فقال : هذا كتاب وذاك سماع ، فقال الشافعي إسحاق : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى كسرى وقيصر ، وكانت حجة بينهم عند الله تعالى . فسكت فلما سمع ذلك الشافعي ، أحمد ذهب إلى حديث وأفتى به ، ورجع ابن عكيم إسحاق إلى حديث . الشافعي
قلت : وقد حكى الخلال في كتابه : أن أحمد توقف في حديث لما رأى تزلزل الرواة فيه ، وقال بعضهم : رجع عنه . وطريق الإنصاف فيه أن يقال : إن حديث ابن عكيم ظاهر الدلالة في النسخ - لو صح - ولكنه كثير الاضطراب ، ثم لا يقاوم حديث ابن عكيم ميمونة في الصحة .
وقال : أصح ما في هذا الباب ؛ في أبو عبد الرحمن النسائي حديث جلود الميتة إذا دبغت ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، ميمونة ، وروينا عن أنه قال : قيل الدوري : أيما أعجب إليك من هذين الحديثين : ليحيى بن معين ، أو لا تنتفع من الميتة بإهاب ولا عصب ؟ قال : دباغها طهورها أعجب إلي . دباغها طهورها
وإذا تعذر ذلك فالمصير إلى حديث أولى ؛ لوجوه الترجيحات ، ويحمل حديث ابن عباس على منع الانتفاع به قبل الدباغ ، وحينئذ يسمى إهابا ، وبعد الدباغ يسمى جلدا ولا يسمى إهابا ، وهذا معروف عند أهل اللغة ؛ ليكون جمعا بين الحكمين ، وهذا هو الطريق في نفي التضاد في الأخبار . ابن عكيم