الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 202 ] 4 - باب في نسخ الالتفات في الصلاة

الخشوع في الصلاة - هل يجوز الالتفات في الصلاة ؟ - كراهة الالتفات لأن المقصود هو الخشوع

قرأت على أبي محمد عبد الخالق بن هبة الله بن القاسم ، أخبرك أحمد بن الحسن ، أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد ، أخبرنا علي بن الحسن بن العبد ، أخبرنا سليمان بن الأشعث ، حدثنا أحمد بن يونس حدثنا ابن شهاب ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا ، فلما نزلت : قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون نظر هكذا ، قال ابن شهاب ببصره نحو الأرض .

هذا ، وإن كان مرسلا ، غير أن له شواهد في الأحاديث الثابتة تشيده ؛ قرأت على أبي بكر : محمد بن ذاكر بن محمد الخرقي ، أخبرك الحسن بن أحمد القاري ، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب ، أخبرنا علي بن عمر ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان ، حدثنا محمود بن آدم ، حدثنا الفضل بن موسى ، حدثنا عبيد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن ثور بن زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلتفت في صلاته [ ص: 203 ] يمينا وشمالا ، ولا يلوي عنقه خلف ظهره .

هذا حديث تفرد به الفضل بن موسى ، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند متصلا ، وأرسله غيره عن عكرمة .

وقد ذهب أهل العلم إلى هذا ، وقالوا : لا بأس بالالتفات في الصلاة ما لم يلو عنقه ، وإليه ذهب عطاء ، ومالك ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، والأوزاعي ، وأهل الكوفة .

أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد الحافظ ، أخبرنا جعفر بن عبد الواحد بن محمد ، أخبرنا عبد الله بن محمد الضبي ، أخبرنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أحمد بن خالد الحلبي ، حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام قال : حدثني أبو كبشة السلولي ، عن سهل بن الحنظلية ، أنهم ساروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر فأطنبوا السير ، وذكر الحديث قال : فلما أصبحنا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مصلاه ، فركع ركعتين ، قال : فثوب بالصلاة ، فجعل رسول [ ص: 204 ] الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة يلتفت إلى الشعب ، وذكر تمام الحديث .

هذا حديث حسن أخرجه أبو داود في كتابه ، عن أبي توبة ، وقال من ذهب إلى حديث ابن عباس : هذا الحديث لا يناقض الحديث الأول ؛ لاحتمال أن الشعب كان في جهة القبلة ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلتفت إليه ، ولا يلوي عنقه .

وذهب الحكم بن عتيبة إلى أنه من تأمل عن يمينه في الصلاة ، أو عن شماله حتى يعرفه ، فليست له صلاة .

وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى كراهة ذلك وهو الأولى ؛ لأن المقصود الأعظم في الصلاة الخشوع ، ومع الالتفات لا يحصل هذا الغرض ، قال من ذهب إلى هذا القول : كان الالتفات جائزا ثم نسخ فصار مكروها ، وعمدتهم في ذلك ما قرأته على أبي الثناء محمد بن محمد بن هبة الله الواعظ ، أخبرك محمد بن عبد الله بن أحمد الفقيه ، أخبرنا علي بن أحمد النيسابوري ، أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد العطار ، حدثنا محمد بن عبد الله بن نعيم ، حدثنا إسماعيل بن علية ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء ، فنزل : الذين هم في صلاتهم خاشعون .

التالي السابق


الخدمات العلمية