الشرط السابع : قال صاحب المقدمات : اختلف المذهب في كونه فرضا أو سنة وهو مذهب ترك الكلام الأبهري قال : وقال : إن القول بالإعادة إذا إنما هو على القول بالإعادة ممن ترك السنن عامدا قال : والأظهر أنه فرض ، قال تكلم عامدا اللخمي : الكلام سبعة أقسام فإن لم يفسدها ، أو تكلم ساهيا أو عامدا للكلام ساهيا عن الصلاة ، أو عامدا ذاكرا أنه في الصلاة فقيل تبطل ; لأنه عامد وقيل تصح ; لأنه متأول أو عامدا مأموما تكلم لإصلاح الصلاة لسهو دخل على الإمام فقال عالما بتحريمه فيفسدها ، أو جاهلا بجوازه مالك ، وابن القاسم : لا يفسدها ، وقال المغيرة : يفسدها أو عامدا تكلم لإنقاذ مسلم من مهلكة أو نحوه ، فذلك واجب عليه ويستأنف الصلاة إلا أن يضيق ، فيكون كالمسايفة فإن خاف على مال له أو لغيره وكان كثيرا ، تكلم [ ص: 139 ] واستأنف وإن كان يسيرا لم يتكلم ، فإن فعل بطلت . وفي الجواهر : كل ما ينطلق عليه اسم كلام من غير تحديد بحروفه ولا تعيين لها مبطل للصلاة تعمده أو أكره عليه أو وجب لإنقاذ من مهلكة أو شبهه ، وقال بعض الشفعوية : لا يبطلها ; لوجوبه عليه - لأبي سعيد ما منعك أن تجيب إذ دعوتك ؟ فقال : كنت أصلي فقال : ألم تجد فيما أوحي إلي : ( استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) قال : بلى يا رسول الله ، لا أعود . قال صاحب الطراز : وهذا يحتمل أنه يجيبه بعد قطع النافلة أو يجيبه بالصلاة عليه ، أو بلفظ القرآن ، قال في الجواهر : ولا يبطلها سبق اللسان ، ولا كلام الناسي ، ولا لإصلاح الصلاة ، وقال لقوله عليه السلام - المغيرة : تبطل إلحاقا له بالعامد ، وقيل لا تبطل إلحاقا بالناسي . وتبطل بكلام الجاهل
قاعدة : يجب على كل مكلف أن يعلم أحكام الله تعالى في كل فعل يقدم عليه فإن لم يتعلم ذلك كان عاصيا ، وعلم الإنسان بحالته التي هو فيها فرض العين من العلم ، فإذا فهو عاص مفرط ، فلذلك كان المشهور إلحاقه بالعامد المقصر دون الناسي المعذور فتخرج فروع الجاهل في الصلاة على هذه القاعدة . أقدم على الصلاة ولم يعلم تحريم الكلام فيها
فروع تسعة :
الأول ، قال في الجواهر : إن كان لضرورة فغير مبطل ، وإن كان [ ص: 140 ] لغير ضرورة فهو مبطل في أحد القولين فإن قصد به الإفهام لغيره لم يبطل عند التنحنح ابن القاسم ، ويبطل عند ابن الحكم .
الثاني : قال في الكتاب : يبطل الصلاة عمده وجهله ، ويسجد بعد السلام للسهو ، وكرهه في المجموعة ولم يره كالكلام ، النفخ مثل الكلام قولان ، واشترط وللشافعي أبو حنيفة في إبطاله للصلاة أن يسمع . ومنشأ الخلاف هل شبه بالنفس فلا يبطل أو يقال هو مركب من الألف والفاء فهو كلام ، قال الله تعالى : ( فلا تقل لهما أف ) . فجعله قولا وهو اسم لوسخ الأظافر ، والكاف : اسم لوسخ البراجم ، ثم الحروف ليست شرطا فلو ضحك أو نهق كالحمير ، أو نعق كالغربان ونحوه ، قال صاحب الطراز : تبطل صلاته .
الثالث : قال : إلا أن تضطره إليه عند والأنين كالكلام مالك ، إن كان من باب الخشوع فلا شيء عليه ، وإلا فهو كالكلام ، وفي حديث الموطأ لما والبكاء أبا بكر أن يصلي بالناس قالت له عائشة رضي الله عنها : إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء . وهو دليل عدم إفساده للصلاة . أمر - عليه السلام -
الرابع : في الكتاب ابتدأ الصلاة فرضا [ ص: 141 ] كانت أو نفلا ، وسجد لسهوه إن كان ناسيا . قال صاحب الطراز : إن كان قرآنا فلا شيء عليه وهو قول إذا قرأ كتابا ملقى بين يديه عامدا خلافا لـ ( ح ) ، وإن كان ليس بقرآن وحرك به لسانه فكما قال في الكتاب : وإن لم يتحرك لسانه فإن قل فلا شيء عليه ، وإن تعمد وإن طال مع الذكر أفسد ; لأنه تلبس بفعل من الصلاة ليس من جنسها كما لو طالت فكرته في شيء بين يديه . الشافعي
الخامس : قال في الكتاب : رجع ، وبنى ، وسجد لسهوه بعد السلام ; لحديث إذا سلم ساهيا من ركعتين فتكلم يسيرا ذي اليدين وإن تباعد أعاد ، وقيل لابن القاسم : إن انصرف ، وأكل وشرب ، ولم يطل ذلك قال : يبتدئ ولم أحفظه عن مالك ، وفي مسلم الخرباق ، وكان في يديه طول فقال : يا رسول الله فذكر له صنيعه فخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس ، فقال : أصدق هذا ؟ فقالوا : نعم فصلى ركعة ، ثم سلم ، ثم سجد سجدتين . ونص أنه - عليه السلام - صلى العصر فسلم من ثلاث ركعات ، ثم دخل منزله فقام إليه رجل يقال له على مثل قول الشافعي مالك ، واختلف هو وأصحابه في القرب فقال : مقدار ركعة ، وقال بعضهم : مقدار الصلاة التي هو فيها ، وقيل ما كان في العرف طولا ، قال صاحب الطراز : قال بعض أصحابنا : يبني وإن طال وهو قول من يرى أنه ما خرج من الصلاة ولا يحتاج إلى إحرام عنده ، قال : وقد نقل البراذعي هذه المسألة نقلا فاسدا لقوله : فإن تباعد [ ص: 142 ] وخرج من المسجد ، فأوهم أن الجمع بينهما شرط ، قال مالك : إذا خرج إلى باب المسجد أو قرب مصلاه ابتدأ ، وقال أشهب : الخروج من المسجد حد في القطع فإن لم يكن في المسجد فمقدار مجاوزة الصفوف بحيث لا يصلي بصلاتهم .
فرع : مرتب :
قال صاحب الطراز : لم يبن ; لأنه كلام بغير سهو ، وقاله فلو ذكر بالقرب فتكلم بعد ذلك مالك قال : وأما قول ابن القاسم إذا أكل أو شرب يروى بالواو وبأو ، وقد قال ابن حبيب : يبني إذا أكل أو شرب ما لم يطل ، ووجه قول ابن القاسم أن الأكل والشرب أغلظ من الكلام ، ولم يشرع جنسه في الصلاة .
السادس : في الجواهر إن قصد التلاوة لم يضره ، وإن لم يقصد إلا الإفهام فقال لو قال : ادخلوها بسلام ابن حبيب : لا يضره أيضا ، وقال المازري : يتخرج فيها قول بالإبطال من الخلافة في بطلان صلاة . من فتح بالقرآن على من ليس معه في الصلاة
السابع : في الجواهر يبطل عمدها وسهوها وغلبتها ، وقيل هي كالكلام لا يبطل سهوها قاله القهقهة أصبغ ، وقال في الكتاب : إن كان وحده قطع ، وإن كان مع إمام مضى وأعاد ، قال صاحب الطراز : وهو محمول على [ ص: 143 ] الخروج بسلام رفعا للخلاف ، ويستأنف الإحرام بيقين وهو سبب التمادي مع الإمام ، ولذلك قال ابن القاسم : إذا استخلف وأتم معهم ، قال قهقه الإمام مغلوبا أبو الطاهر : لأن غلبة القهقهة كسبق الكلام ، وقيل يبطل ما مضى ; لمنافاة القهقهة الصلاة أكثر من الكلام بسبب الخشوع معها ، أو لأنها لم يشرع جنسها في الصلاة بخلافه وهذا هو الفرق على رأي مالك وابن القاسم ، ; لخفته في رواية ولا تبطل بالتبسم ابن القاسم ولا سجود عليه ، قال ابن رشد : وهو الصواب قياسا على المرتقب ، وعلى العابث بيده ، وعلى مسوي الحصباء بنعله وشبه ذلك مما في فعله ترك الخشوع ناسيا كان أو عامدا ولا سجود عليه باتفاق ، وفي رواية يسجد بعد السلام ; لكونه زيادة في الصلاة ، وفي الجلاب : قبل السلام ; لنقصان الخشوع ، وهو ضعيف . ابن عبد الحكم
الثامن : في الكتاب : كره للمأموم أن قال : إن فعل سرا قال صاحب الطراز : لأنه مأمور بالإنصات ، قال : وهذا متفق عليه وإنما الخلاف في المنفرد فعند يتعوذ إذا قرأ الإمام آية وعيد يتعوذ عند الوعيد ويسأل عند الوعد ، وكرهه الشافعي مالك وأبو حنيفة في الفرض والنفل ، ومراده في الكتاب الفريضة .
التاسع في الكتاب : لا يقل إلا في نفسه ، وتركه أحسن ; لأنه ليس من أركان الصلاة المعتادة فيها فأشبه الكلام ، قال صاحب الطراز : قال الحمد لله إن عطس ابن حبيب : تكره ، وليحفظها ما قدر ويجعل [ ص: 144 ] يده على وجهه ، وجوز في الكتاب العطسة العالية في الصلاة لما في الدعاء على الظالم أبي داود قال : أبو هريرة قال صاحب النوادر ، قال كان - عليه السلام - في قنوته يدعو المؤمنين ، ويلعن الكافرين إن قال : يا فلان فعل الله بك فسدت صلاته بخلاف فعل الله بفلان أو اللهم افعل بفلان قال : ولم أره لغيره من أصحابنا ، قال صاحب البيان : ابن شعبان عامدا أو بما يضره فتوجع قال إذا مر به إنسان فأخبره بما يسره فقال : الحمد لله ابن القاسم : لا يعجبني ، ولا تبطل الصلاة قال : وهو كما قال ; لأنه أشغل نفسه بغير أمر صلاته من أمر دنياه بخلاف فعل - رضي الله عنه - حين رفع يديه في الصلاة ، وحمد الله لما أمره - عليه السلام - بالمكث في موضعه وفي الصحيحين قال أبي بكر الصديق : ابن مسعود سلمنا عليه فلم يرد علينا ، وقال : إن في الصلاة لشغلا النجاشي . زاد كنا نسلم على النبي - عليه السلام - وهو في الصلاة ويرد علينا ، فلما رجعنا من عند أبو داود فأخذني ما قدم وما حدث فلما قضى الصلاة قال : إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإنه قد أحدث أن لا تتكلموا في الصلاة .