قال عياض : وهو في اللغة الإمساك ، قال الله تعالى : ( إني نذرت للرحمن صوما ) . أي : إمساكا . قال النابغة .
خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
وقال الجوهري : الصوم الإمساك عن الطعام ، وصام الفرس أي : أقام على غير علف وهو البيت المتقدم عنده ، وفسره عياض بمطلق الإمساك . والصوم ذرق النعامة ، والصوم شجر في لغة هذيل .
وهو في الشرع الإمساك عن شهوتي الفم والفرج ، أو ما يقوم مقامهما مخالفة للهوى في طاعة المولى في جميع أجزاء النهار بنية قبل الفجر أو معه [ إن أمكن ] فيما عدا زمن الحيض والنفاس وأيام الأعياد .
واختلف في : فقيل : عاشوراء ، وقيل : ثلاثة أيام من كل شهر . وأول ما فرض من رمضان خير بينه وبين الطعام ، ثم نسخ الجميع بقوله تعالى : ( أول صوم وجب في الإسلام فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) ، وأوجب الصيام إلى الليل ، وأبيح الطعام والشراب والجماع إلى أن يصلي العشاء أو ينام ، فيحرم جميع ذلك إلى الفجر ، فاختان عمر - رضي الله عنه - امرأته في أنها نامت [ ص: 486 ] ووطئها ، فنزل قوله تعالى : ( علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) .
واشتقت الشهور من بعض عوارضها [ التي تعرض فيها ] ، فرمضان من الرمضاء التي هي الحجارة الحارة ; لأنه قد يأتي في الحر . وشوال من شيل الإبل أذنابها لذباب يعرض لها ، وذو القعدة أول الأشهر الحرم فيقعد فيه عن القتال ، وذو الحجة لوقوع الحج فيه ، ويقال : ذو قعدة وذو حجة ; بالتنكير والتعريف . والمحرم من تحريم القتال فيه ، وصفر من الصفر بالكسر الذي هو الخلو ، فإن الطرقات يقل سالكها بسبب ذهاب الأمن لانسلاخ الأشهر الحرم . والربيعان من ربيع العشب ; لأنه قد يأتي فيهما ، والجماديان من جماد الماء ; لأنهما قد يأتيان في البرد ، ورجب شهر حرام ، والترجيب التعظيم . وشعبان من التشعب ; لأن العرب كانت تختلف فيه ، وتظهر القتال لخروج الشهر الحرام .
ويروى أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تقولوا جاء رمضان ; فإن رمضان من أسماء الله تعالى ، ولكن قولوا جاء شهر رمضان " . والثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - : " " فجعله اسما للشهر . من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
قال الفراء : ويجمع على رمضانين ، وقال الجوهري : يجمع على أرمضاء ورمضانات . ويقال : رمض يومنا - بكسر الميم - يرمض - بفتحها - إذا كثر ( حره ) .
[ ص: 487 ] قال أبو الطاهر : فمن كفر ; لأنه معلوم من الدين بالضرورة ، وإن اعترف بوجوبه ولم يصمه خرج على الخلاف في تارك الصلاة . وفي الكتاب عشرة أبواب : جحد وجوبه