الركن الثالث : ، وكل ما صح أن يكون ثمنا في البياعات صح أجرة ; لأنها معاوضة مكايسة ، وقاله الأئمة ، وفي الكتاب : يصح طحن إردب بدرهم وقفيز من دقيقه ، ومنعه ( ح ) و ( ش ) ; لأن الدقيق معدوم ليس في الذمة ، والمعدوم لا يصح إلا في الذمة كالسلم . الأجرة
وجوابه : لا نسلم أنه معدوم ، بل هو أجزاء هذا القمح تفرقت ، وكذلك الزيتون وعصره بنصفه ; لأنهما لا يختلفان بعد العصر ، ولجواز بيع نصفها كذلك ، فإن كان يختلف امتنع ، وتمتنع الإجارة على سلم الشاة بشيء من لحمها لأنه مجهول قبل السلخ ، قال صاحب النكت : انفسخت الإجارة لتعذر طحنه أو بعده وقبل القبض للطعام ، وكانت قيمة الويبة أربعة دراهم ، كان الدرهم خمس الأجرة يأخذه أو أجرة المثل في أربعة الأخماس ، وعن إن هلك القمح قبل الطحن أبي الحسن : إذا دبغ جلودا بنصفها قبل الدباغ على أن يدفعها كلها ، فإن فاتت بالدباغ فعلى الدباغ نصف قيمتها يوم قبضها ، وله أجرة المثل في النصف الآخر لحصول العمل ، وإن دبغها بنصفها بعد الدباغ فدبغت فهي كلها لربها ; لفساد العقد بسبب الجهالة بحال المدبوغ ، وللدباغ أجرة مثله ، وإن فاتت بعد الدباغ قبل ربها بحوالة سوق لزمه نصف قيمتها يوم خروجها ; لأنها يومئذ على ملك ربها ، وله أجرة مثله في الجلود كلها ; لأنه دبغها على ملك ربها ، قال اللخمي : منع محمد مسألة الطحن لاختلاف خروج الدقيق ، فإن لم يعلم ضياع القمح إلا من قوله : فهل يغرمه ويطحنه ويأخذ ويبته ; لأنه [ ص: 377 ] غاب عليه أو يصدق مع يمينه ، أو لا يطحن إلا ما قابل الدراهم ؟ قولان لابن القاسم ، فإن طحنه ثم ادعى ضياعه غرمه مطحونا واستوفى ويبته ; لأنه متهم ، فإن شهدت البينة بضياعه فلا ضمان ولا أجرة عند ابن القاسم ; لعدم تسليم العمل ، وقيل : يأتي ربه بطعام ويطحن ما ينوب الدرهم ; لأن العقد أوجب له الدرهم في ذمة ربه ، وقيل : له الأجرة فيأخذ الدرهم وأجرة المثل فيما ينوب الويبة . ويجوز على قول أشهب أو السلخ برطل لحم ; لأنه يجوز بيع ذلك اعتمادا على الحبس والجزر لصفة اللحم ، قال الإجارة على الذبح ابن يونس : منع ابن حبيب طحن القمح بنصف دقيقه والفرق بينه وبين الويبة : اختلاف الربع .
فرع
في الكتاب : يمتنع : إن خطته اليوم فبدرهم أو غدا فبنصف درهم ، أو خياطة رومية فبدرهم ، أو عربية فبنصف درهم ، وقاله الأئمة ; لأنه كبيعتين في بيعة ، فإن خاط فله أجرة مثله لفساد العقد ، وقال غيره في المسألة الأولى : إلا أن تزيد على الدرهم أو تنتقص من نصف درهم ، فلا يزاد ، ولا ينقص ; لأنه رضي بذلك ، قال ابن يونس : والأول أصوب كالبيع الفاسد ، وعلى قول ابن القاسم : له تعجيل الخياطة ، وله أجرة المثل على أنه تعجل ، وإن أخرها فعلى أنه مؤخر ، وعن مالك في أجراء يخيطون مشاهرة فيدفع لأحدهم الثوب على أن خاطه اليوم فله بقية يومه ، وإلا عليه تمامه في يوم آخر ، ولا يحسب له في الشهر : يجوز في اليسير الذي لو اجتهد فيه لأتمه . ويمتنع في الكثير ، ولو استأجره على تبليغ كتابه إلى بلده ثم قال بعد الإجارة : إن بلغته في يوم كذا فلك زيادة كذا ، فكرهه ، واستحسنه في الخياطة بعد العقد ، قال ابن مسعدة : هما سواء ، وقد أجازهما وكرههما غيره . سحنون