الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ومن فاته بعض الصلاة افتتح ولم ينتظر تكبير الإمام ثم قضى مكانه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهو قول مالك وأبي يوسف .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة ومحمد : ينتظر تكبيرة الإحرام ولا يكبر قبله ، فإذا كبر الإمام كبر معه ، فإذا سلم الإمام قضى ما فاته ، احتجاجا بأن تكبيرات الجنازة جارية مجرى ركعات الصلاة ، فلما كان الرجل إذا سبقه الإمام بركعة لم يجز أن يصليها ثم يدخل معه ، كذلك إذا فاته تكبيرة ، لم يجز أن يبتدأها ثم يكبر معه .

                                                                                                                                            والدلالة على ما قلنا : قوله صلى الله عليه وسلم : " ما أدركتم فصلوا " ولا يمكنه أن يصلي ما أدرك معه إلا بتقديم التكبير ، ولأنه أدرك جزءا مع الإمام بتقدم التكبير ، فجاز أن يأتي به كما يأتي بالتكبير قياسا على سائر الصلوات .

                                                                                                                                            فأما ما احتج به أبو حنيفة فلا يصح لأنه يؤدي إلى أن يلزم المأموم أن يكون تكبيره مقارنا لتكبير الإمام ، وقد أجمعوا على أنه لو كبر بعد تكبيرة الإمام جاز ، وإذا جاز جاز لمن أتى بعده .

                                                                                                                                            فإذا تقرر أن يكبر ولا ينتظر تكبيرة الإحرام ، فإن كان الإمام قد سبقه بتكبيرة واحدة ، افتتح الصلاة وقرأ الفاتحة ، فإن أدرك قراءة جميعها قبل التكبيرة الثانية فذلك جائز ، وإن قرأ [ ص: 59 ] بعضها ثم كبر الإمام قطع القراءة وكبر الثانية معه ، وقد يحمل الإمام عنه ما بقي من القراءة ، وإن كان أدركه في التكبيرة الثانية فدخل معه ، كانت له أولة يقرأ فيها الفاتحة ، ويبني على صلاة نفسه وهي للإمام ثانية يصلي فيها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا سلم الإمام أتم الصلاة سواء كانت الجنازة موضوعة أو مرفوعة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية