الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : إذا تقرر توجيه القولين وكان المال المغصوب ماشية فلهذا أربعة أحوال .

                                                                                                                                            أحدها : أن تكون معلوفة عند مالكها وغاصبها .

                                                                                                                                            والثاني : أن تكون سائمة عند مالكها وغاصبها .

                                                                                                                                            والثالث : أن تكون معلوفة عند مالكها سائمة عند غاصبها .

                                                                                                                                            والرابع : أن تكون سائمة عند مالكها معلوفة عند غاصبها ، فإن كانت معلوفة عند المالك والغاصب فلا زكاة فيها قولا واحدا ، وإن كانت سائمة عند المالك والغاصب فلها حالان :

                                                                                                                                            [ ص: 131 ] أحدهما : أن ترجع إلى المالك بلا در ولا نسل ، فهذه مسألة القولين ، فعلى قوله في القديم لا زكاة عليه ، وعلى قوله في الجديد عليه الزكاة .

                                                                                                                                            والحالة الثانية : أن ترجع إليه بدرها ونسلها فعند أبي العباس بن سريج أن عليه زكاتها قولا واحدا ؛ لأن علة القديم في سقوط الزكاة فقد النماء فاقتضى أن يكون وجود النماء موجبا لها ، وعند أبي علي بن أبي هريرة أنها على قولين أيضا ؛ لأن علة القديم في سقوط الزكاة وهاء الملك ونقصان التصرف ، وذلك موجود وإن كان النماء مردودا وهذا على حسب اختلافهم في العلة ، وإن كانت معلوفة عند المالك سائمة عند الغاصب فمذهب الشافعي : أنه لا زكاة فيها ؛ لأن السوم إنما يكون له حكم إذا كان مقصودا ، فأما ما لم يقصده المالك فلا حكم له ، ألا ترى أن الماشية لو خرجت من يده ورعت من غير قصده لم يكن ذلك سوما يوجب الزكاة ، كذلك سوم الغاصب . وقال بعض أصحابنا : يكون سوم الغاصب كسوم المالك فتكون الزكاة على قولين : قال : لأن من غصب حنطة فزرعها كان على المالك زكاتها كذلك ، إذا غصب ماشية فسامها وجب أن تكون على المالك زكاتها ، وهذا الجمع غير صحيح . والفرق بين السوم والزراعة أن السوم لا بد فيه من قصد ؛ لأن الماشية لو رعت بنفسها لم يكن له عليها حكم ، والزراعة لا تحتاج إلى قصد ، ألا ترى أنه لو نقل طعاما ليحرزه فانتثر بعضه ونبت وبلغ خمسة أوسق حبا لزمته زكاته ، وإن لم يقصد زراعته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية