الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما قول الشافعي : أرأيت لو أن حائطا صدقته مجزأة على مائة إنسان ليس فيها إلا عشرة أوسق أما كانت فيه صدقة الواحد ؛ وهذا أراد به مالكا حيث منع من الخلطة في غير المواشي ، وقال في وقف على جماعة : أخرج الله تعالى فيه خمسة أوسق أن عليهم الزكاة ، فأورده الشافعي ؛ إفسادا لمذهبه وكسرا لأصله ، فإن قيل : هذا يلزم مالكا ؛ لأن الوقف عنده لا يملك ، قلنا : الوقف وإن كان عنده غير مملوك فالثمرة مملوكة ، فكان ما ذكره الشافعي قدحا داخلا عليه ، وللشافعي في رقبة الوقف قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : ملك للموقوف عليه غير أن ليس له بيعه كأم الولد .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنه غير مملوك بل قد زال الملك عنه وصار خالصا لله تعالى كالعبد المعتق ، وعلى كلا القولين الزكاة في زرع الوقف وثمرته واجبة ، فإن قيل : إن الخلطة فيه لا تصح فلا زكاة حتى تبلغ حصة كل واحد منهم خمسة أوسق ، وإن قيل : إن الخلطة فيه تصح على قوله الجديد ، ففيه الزكاة إذا بلغ جميعه خمسة أوسق إذا كان على قوم معينين ، فإن كان عاما على من لم يتعين من الفقراء أو المساكين ، أو على ما لا يصح أن يملك من المساجد والمصانع فلا زكاة فيه ؛ لأن الزكاة تجب على ملك من أهل الزكاة ، فعلى هذا لو أن رجلا وقف رقاب أربعين من الغنم سائمة ، فإن قيل : رقبة الوقف لا تملك فلا زكاة فيها ، وإن قيل : إن رقبة الوقف مملوكة ففي إيجاب زكاتها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : واجبة لأنها ملك لمن تلزمه الزكاة .

                                                                                                                                            والثاني : أنها غير واجبة وهو أصح ، لأنها وإن كانت مملوكة فملكها غير تام كالمكاتب ، ألا تراه لا يقدر على بيعها ورهنها ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            [ ص: 144 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية