الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " فبهذا نأخذ ، والوسق ستون صاعا بصاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصاع أربعة أمداد بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح :

                                                                                                                                            إذا ثبت أن لا زكاة فيما دون خمسة أوسق فهي واجبة في الخمسة فصاعدا ، واعتبارها وقت الادخار لا وقت الوجوب : لأن زكاة الثمار تجب ببدو الصلاح ، والخمسة الأوسق تعتبر بحال الادخار ، وهو أن تكون الثمرة مما تصير خمسة أوسق تمرا ، والكرم مما يصير خمسة أوسق زبيبا ، والزرع ما يصير خمسة أوسق حبا ، فإن كان خمسة أوسق رطبا وعنبا يصير أقل من خمسة أوسق تمرا أو زبيبا فلا زكاة فيه ، فأما الوسق فهو في اللغة : حمل البعير والناقة قال الشاعر :


                                                                                                                                            أين الشظاظان وأين المربعه ؟ وأين وسق الناقة الجلنقعه ؟

                                                                                                                                            إلا أن الوسق في الشريعة : ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ، والصاع : أربعة أمداد بمد النبي صلى الله عليه وسلم ، والمد : رطل وثلث بالعراقي ، فتكون الخمسة الأوسق ثلاثمائة صاع ، وهي ألف مد ومائتا مد ، وألف وستمائة رطل بالعراقي ، واختلف أصحابنا هل ذلك تحديد يتغير الحكم بزيادة رطل ونقصانه أو تقريب لا يؤثر فيه نقصان رطل أو رطلين ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : تقريب : لأن الوسق عندهم حمل الناقة وإنما قدر بالصاع تقريبا .

                                                                                                                                            والثاني : وهو أصح أن ذلك تحديد : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والوسق ستون صاعا فحده بذلك .

                                                                                                                                            وأما أبو حنيفة فإنه وافقنا أن الوسق ستون صاعا ، والصاع : أربعة أمداد ، وإنما خالف في قدر المد والصاع ، فقال الصاع : ثمانية أرطال ، والمد : رطلان ، وسنذكر الحجاج له وعليه في موضعه من زكاة الفطر إن شاء الله .

                                                                                                                                            [ ص: 213 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية