[ ص: 348 ] باب من تلزمه زكاة الفطر
قال الشافعي رحمه الله تعالى : " أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر وروي عنه صلى الله عليه وسلم من حديث آخر قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير ، على كل حر وعبد ذكر وأنثى من المسلمين " ممن تمونون " .
قال الماوردي : اعلم أنه يقال زكاة الفطر وزكاة الفطرة ، فمن قال زكاة الفطر أوجبها بدخول الفطر ، ومن قال زكاة الفطرة ، فأوجبها على الفطرة ، والفطرة : الخلقة قال الله تعالى : فطرة الله التي فطر الناس عليها ، [ الروم : 30 ] ، أي : خلقته التي جبل الناس عليها وهي واجبة إجماعا .
واختلف أصحابنا على مذهبين : هل وجبت ابتداء بما وجبت به زكاة الأموال أو وجبت بغيره ؟
أحدهما : وهو مذهب البغداديين أنها وجبت بالظواهر التي وجبت بها زكوات الأموال من الكتاب والسنة ، لعمومها في الزكاتين ، والمذهب وهو مذهب البصريين أنها وجبت بغير ما وجبت به زكاة الأموال وأن وجوبها أسبق ، لما روي عن قيس بن سعد بن عبادة أنه قال : ، ومن قال بهذا اختلفوا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر ، قبل نزول آية الزكاة ، فلما نزلت آية الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ، مبنية على مذهبين : هل وجبت بالسنة أو بالكتاب والسنة
أحدهما : أنها وجبت بالسنة : لحديث قيس بن سعد فعلى هذا الدلالة على وجوبها من طريق السنة حديث ابن عمر وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من [ ص: 349 ] تمر أو صاعا من شعير ، على كل حر وعبد ذكر وأنثى من المسلمين جعفر بن محمد عن آبائه وزاد فيه " ممن تمونون " وروى عكرمة عن ابن عباس قال . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حين أوجبها : " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر : طهرة للصائم من الرفث واللغو ، وطعمة للمساكين ، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " . أما الغني فيزكيه بها الله تعالى وأما الفقير فيعطيه الله أفضل ما أعطى
والمذهب الثاني : أنها وجبت بكتاب الله وإنما البيان مأخوذ من السنة كما أخذ منها بيان الأموال المزكيات ، ومن روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضها فمعناه قدرها كما قال في زكوات الإبل : هذه " فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم " بمعنى قدرها : لأن فرض زكاتها بالآية ، ومن قال بهذا على مذهبين : اختلفوا بأي آية وجبت
أحدهما : بقوله تعالى : قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ، [ الأعلى : 14 ، 15 ] .
والثاني : بقوله تعالى : ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، [ البينة : 5 ] .