مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وكان ابن عمر يتقدم الصيام بيوم " .
قال الماوردي : اختلف الناس في على خمسة مذاهب : صيام يوم الشك
أحدها : ما ذهب إليه الشافعي أن صومه مكروه ، سواء صامه فرضا أو نفلا أو كفارة أو نذرا إلا أن يصله بما قبله ، أو يوافق يوما كان يصومه ، فلا يكره له ، وبه قال من الصحابة : عمر وعلي وعمار بن ياسر رضي الله عنهم ، ومن التابعين : الشعبي والنخعي ، ومن الفقهاء : مالك والأوزاعي .
[ ص: 410 ] والمذهب الثاني : أن صومه غير مكروه في الفرض والنفل ، وهو مذهب عائشة وأسماء رضي الله عنهما .
والمذهب الثالث : أنه إن كان صحوا فصومه مكروه ، وإن كان غيما صامه عن رمضان ، وبه قال عبد الله بن عمر وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما .
والمذهب الرابع : أن الناس في صومهم تبع لإمامهم إن صام صاموه ، وإن أفطر أفطروه وبه قال الحسن وابن سيرين .
والمذهب الخامس : إن صامه عن فرض رمضان لم يجز ، وإن صامه نافلة جاز ولم يكره وبه قال أبو حنيفة ، واستدل من أجاز صومه في الجملة على اختلاف مذاهبهم فيه ، بما روي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال : " لأن أصوم يوما من شعبان ، أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان " فقد اختار صومه ، واستحبه قال وقد روي عن ابن عمر أنه كان يتقدم الصيام بيوم قالوا : ولما فيه من الاحتياط لجواز أن يكون من رمضان قالوا : ولأن صومه كالنفل قبل الفريضة فاقتضى أن يكون مستحبا كالصلوات ، ولأنه صوم يوم من شعبان ، فلا يكن فيه مكروها كسائر أيامه . ودليلنا على كراهة صومه رواية أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وروى " لا تقدموا الشهر بصوم يوم ولا يومين إلا أن يوافق صوما كان يصومه أحدكم ، لا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين " ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وروى لا تقدموا الشهر بصوم يوم أو يومين لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن حال سحابة أو غمامة فعدوا ثلاثين " أبو هريرة وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام ستة أيام : يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق ويوم الشك أبو هريرة أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : روي عن " إذا انتصف الشهر فلا تصوموا حتى يكون رمضان " عمار بن ياسر أنه قال : " من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم " ولأن شهر رمضان بين يومين يوم شك ويوم فطر ، ثم تقرر أنه ممنوع من صيام يوم الفطر فكذلك يوم الشك ، فأما ما استدلوا به من حديث علي رضي الله عنه فإنما صامه ؛ لأن شاهدا شهد بالهلال عنده كذا روت فاطمة بنت الحسين ، وكذا نقول ، وأما صيام ابن [ ص: 411 ] عمر فلأنه وافق يوما كان يصومه ، بدليل ما روي عنه أنه قال : " لو صمت الدهر لأفطرت يوم الشك " وما ذكره من الاحتياط فغير صحيح ؛ لأنه دخول في العبادة مع الشك ، وأما قولهم أن التنفل قبل الفرض ، قلنا : يفسد عليكم بوقت الهاجرة إذا استوت الشمس للزوال ، وعند الغروب فإن التنفل فيهما مكروه ، وإن كان تنفلا قبل الفريضة .
وأما قياسهم على سائر أيام الشهر فغير صحيح .