[ ص: 471 ] باب النهي عن الوصال في الصوم
قال الشافعي رضي الله عنه : " أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر ( قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال فقيل يا رسول الله إنك تواصل قال : " إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى " الشافعي ) وفرق الله بين رسوله صلى الله عليه وسلم وبين الناس في أمور أباحها له حظرها عليهم ، وفي أمور كتبها عليه خففها عنهم " .
قال الماوردي : أما فهو أن يصوم الرجل يومه فإذا دخل الليل امتنع من الأكل والشرب ، ثم أصبح من الغد صائما فيصير واصلا بين اليومين بالإمساك لا بالصوم ؛ لأنه قد أفطر بدخول الليل ، وإن لم يأكل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصال في الصيام رواه " إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا فقد أفطر الصائم " أبو هريرة فهذا هو الوصال المكروه الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان الأصل فيه وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم واصل فواصل الناس ثم نهاهم عن ، الوصال فانتهوا ثم واصل فواصلوا فقال : " أما إني كنت نهيتكم عن الوصال " فقالوا رأيناك واصلت فواصلنا فقال " إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى " أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وفيه تأويلان : إياكم والوصال إياكم والوصال إياكم والوصال ، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني "
أحدهما : أنه يطعمه ويسقيه حقيقة .
والثاني : أنه يمده من القوة بما يقوم مقام الطعام والشراب .
فإذا ثبت هذا ، فالوصال مكروه لما ذكرنا ، ولأن الوصال يورث ضعفا ، ويقاسي فيه مشقة وجهدا فربما أعجزه عن أداء مفترضاته ، فإن واصل فقد أساء وصومه جائز ؛ لأن النهي توجه إلى غير زمان الصوم فلم يكن ذلك قادحا في صيامه ، وقد روي أن عبد الله بن الزبير واصل الصيام سبعة عشر يوما ، ثم أفطر على سمن ولبن وصبر وتأول في السمن أنه يلين الأمعاء ، وفي اللبن أنه ألطف غذاء ، وفي الصبر أنه يقوي الأعضاء .