فصل : والاستطاعة الرابعة : أن فهذا في حكم من قبله في وجوب الحج عليه . يكون غير مستطيع بماله وبدنه لفقره وزمانته لكن يجد من يبذل له الطاعة ، وينوب عنه في الحج
قال مالك وأبو حنيفة : لا حج عليه تعلقا بقوله ، صلى الله عليه وسلم ولأنها عبادة على البدن ، فوجب أن لا تلزم ببذل طاعة الغير كالصلاة والصيام ، ولأن العبادة ضربان : منها ما يتعلق بالأبدان ، فيجب بالقدرة عليها بالبدن كالصلاة والصيام ، ومنها ما يتعلق بالأموال فيعتبر في وجوبها ملك المال كالزكاة فأما أن تجب عبادة ببذل الطاعة فغير موجود في الأصول ، ودليلنا ما ذكرناه من حديث الخثعمية ، ووجه الدلالة منه هو أنها بذلت الطاعة لأبيها وأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج عنه ، من غير أن جرى للمال ذكر ، على أن الفرض وجب ببذل الطاعة ، لأنه السبب المنقول ، وروى السبيل زاد وراحلة عمرو بن أوس عن أبي رزين أنه قال : فأوجب عليه الحج والعمرة عن أبيه ، ولا يلزمه ذلك عن أبيه إلا ببذل الطاعة له ، فإن قيل : فيجوز أن يكون الأب موسرا فلزمه الفرض بيساره ، لا بابنه قيل الفرض باليسار ، لا يتوجه إلى الابن وإنما يتوجه إلى الأب ، وروى يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم حج [ ص: 10 ] عن أبيك واعتمر ابن سيرين عن أبي هريرة ، ولأن كل أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أمي أسلمت وهي كبيرة لا تستمسك على الراحلة ، فأمره أن يحج عنها كالمعضوب الموسر ، ولأنه قادر على فعل الحج عن نفسه فوجب أن يلزمه فرضه كالقادر عليه بنفسه ، فأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم من لزمه الحج نذرا جاز أن يلزمه الحج فرضا فالمراد به من استطاع زادا وراحلة ، وهو بطاعة الغير له مستطيع ، وأما قياسهم على الصلاة فنقول بموجبه لأنهم قالوا فوجب أن يلزمه ببذل الطاعة ، ونحن نقول لا يلزمه بذل الطاعة ، وإنما يلزمه بالاستطاعة ، على أن المعنى فيه أنه مما لا تصح النيابة فيه ، وأما قولهم إن العبادات ضربان فباطل بزكاة الفطر ، لأنها من عبادات الأبدان ، ثم تجب على الغير ، وتبطل أيضا بالدية على العاقلة . السبيل زاد وراحلة