الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " نحر هديا لإحصاره حيث أحصر في حل أو حرم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهو كما قال ، على المتحلل بالإحصار دم ؛ لأجل إحلاله ، وقال مالك :

                                                                                                                                            لا دم عليه : لأنه يتحلل من نسكه بسبب لم ينتسب فيه إلى التفريط فوجب أن لا يلزمه الدم قياسا على المتحلل بإكمال الحج ، قال : ولأن المحصر إنما جوز له التحلل قبل إتمام الحج : رفقا به وتخفيفا عليه ، فلم يجب أن تغلظ عليه بإيجاب الدم في محل التخفيف ، والدلالة عليه قوله تعالى : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي [ البقرة : 196 ] ، فذكر السبب وحكمه ، فدل على أن الحكم متعلق به .

                                                                                                                                            وروى جابر بن عبد الله قال : أحصرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فنحرنا البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة ، فدل على أن البدنة قد وجبت بالإحصار على سبعة : ليصح أن تكون البدنة منحورة عن سبعة : ولأنه تحلل من نسكه قبل إتمامه ، فوجب أن يلزمه الهدي كالفائت .

                                                                                                                                            وأما قياسه على المتحلل بعد كمال نسكه فمنتقض بالقارن والمتمتع قد أحل بعد كمال نسكه ، وعليه دم ثم المعنى فيه أنه أحل بعد كمال نسكه ، فلم يلزمه دم ، وهذا المحصر قد أحل قبل كمال نسكه فلزمه دم .

                                                                                                                                            وأما قوله : إن إحلال المحصر تخفيف ، وإيجاب الدم تغليط فغير لازم : لأن الدم قد يجب في محل التخفيف كما يجب في محل التغليط ، ألا ترى أن المتمتع يلزمه دم ، وإن كان المتمتع محل تخفيف ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية