مسألة : قال الشافعي - رحمه الله - : " ولو حفر فيها بئرا فأراد الغاصب دفنها فله ذلك وإن لم ينفعه " .
[ ص: 171 ] قال الماوردي : وهذا كما قال . إذا كان متعديا بحفرها وعليه سدها وضمان ما تلف فيها ثم لا يخلو حال رب الأرض ، والغاصب من أربعة أحوال : كسب أرضا وحفر فيها بئرا
أحدها : أن يتفقا على سدها ليبرأ الغاصب من ضمان ما يسقط فيها فإن لم يكن للأرض بعد سدها أرش فلا شيء عليه سوى أجرة المثل في مدة الغصب ، وإن كان لها أرش كان عليه غرمه مع الأجرة .
والحال الثاني : أن يتفقا على تركها فذاك لهما ، وعلى الغاصب ضمان ما سقط فيها لتعديه بحفرها وليس لرب الأرض أن يطالبه بمؤنة السد وإنما له أن يأخذه متى شاء بالسد .
والحال الثالث : أن يدعو رب الأرض إلى سدها ويأبى الغاصب فإن الغاصب يجبر على سدها إن كان فيه غرض صحيح لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ليس لعرق ظالم حق . قال الشافعي - رضي الله عنه - : والعروق أربعة عرقان ظاهران الغرس ، والبناء . وعرقان باطنان البئر ، والنهر وإن لم يكن فيه غرض صحيح ، فعلى وجهين كما قلنا في قلع الغرس ، والبناء .
والحال الرابع : أن يدعو الغاصب إلى سدها ويأبى ربها فإن لم يبرئه ربها من ضمان ما تلف فيها فله سدها ليستفيد به سقوط الضمان عنه وإن أبرأه بها من الضمان ففيه وجهان : أحدهما : أن للغاصب أن يسدها ؛ لأن الضمان قد يجب لغيره فلا يسقط بإبرائه .
والوجه الثاني : أن الغاصب يمنع من سدها ؛ لأنه بالإبراء يصير كالإذن له في الابتداء فيرتفع التعدي ، ولا يلزمه ضمان وهذا قول أبي علي بن أبي هريرة .