فصل : وإذا قيل بالقول الثاني : إن ، فوجهه أن الشفعة موضوعة لارتفاق الشفيع بها في التماس الحظ لنفسه في الأخذ أو الترك ، ولإجبار المشتري في حسن المشاركة فيقر أو في سوء المشاركة ليصرف ، فلو روعي فيه الفور ضاق [ ص: 241 ] على الشفيع ، ولو جعل على التأبيد أضر بالمشتري فاحتيج إلى مدة يتوصل بها الشفيع إلى التماس حظه ، ولا يستضر المشتري بتأخيره فكان أولى الأمور في تقديرها بثلاثة أيام خلاف ما قال مالك في تقديرها بسنة في رواية ابن وهب وبأربعة أشهر في رواية غيره لأمرين : حق الشفعة مقدر بثلاثة أيام بعد المكنة
أحدهما : أن الثلاث حد في الشرع لمدة الخيار .
والثاني : أنها أقصى حد القلة وأدنى حد الكثرة ، ألا ترى أن الله تعالى قضى بهلاك قوم أنظرهم بعده ثلاثا لقوله تعالى : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب [ هود : 65 ] . وقد أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - للمهاجر أن يقيم في مكة بعد قضاء نسكه ثلاثا ، فعلى هذا لو حصل في خلال الثلاثة أيام زمان تتعذر فيه المطالبة لم تحسب منها ، لقوله : زمان يتمكن في جميعها بالمطالبة .