مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ولا يشترط أحدهما درهما على صاحبه ومما بقي بينهما ، أو يشترط أن يوليه سلعة ، أو على أن يرتفق أحدهما في ذلك بشيء دون صاحبه " .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
[ ص: 313 ] قد ذكرنا أن ؛ لأن المال ، والعمل متقابلان ، فرأس المال في مقابلة عمل العامل ، ولذلك وجب أن يشتركا في الربح ، ولم يجز أن يختص به أحدهما مع تساويهما . عقد القراض موجب لاشتراك رب المال ، والعامل في الربح ، ولا يختص به أحدهما دون الآخر
وإذا منعا من اختصاص أحدهما بالربح دون الآخر وجب أن يمنعا مما يؤدي إلى اختصاص أحدهما بالربح دون الآخر ، فمن ذلك أن يشترط أحدهما لنفسه من الربح درهما معلوما ، والباقي لصاحبه ، أو بينهما فلا يجوز ؛ لأنه قد لا يحصل من الربح إلا الدرهم المشروط فينفرد به أحدهما وينصرف الآخر بغير شيء .
فإن كان رب المال قد شرطه فقد أخذ جميع الربح ، وانصرف العامل بغير شيء مع وجود العمل وحصول الربح ، وإن كان العامل قد شرطه فقد أخذ جميع الربح وانصرف رب المال بغير شيء مع وجود المال وحصول الربح .
ومثاله في البيوع أن يبيعه الثمرة إلا مدا يستثنيه لنفسه فيبطل البيع ؛ لأنه قد يجوز أن تهلك الثمرة إلا ذلك المد فيصير البائع آخذا للثمن ، والثمرة معا .
ولو مثل أن يشترط أحدهما عشر الربح وتسعة أعشاره للآخر ، جاز ؛ لأنه ليس ينصرف أحدهما بغير ربح . شرطا تفاضلا في الربح
ومثاله في البيوع أن يبيع الثمرة إلا عشرها فيصح البيع ؛ لأن ما بقي منها فهو مبيع ، وغير مبيع .