فصل : فإذا تقرر أن فزرعه فهو كمن زرع أرض غيره غصبا فيكون لرب الأرض أن يأخذه بقلعه ، ولا يجبر على تركه لقوله - صلى الله عليه وسلم - ليس للعامل زرعه بغير إذن ربه ، وليس له أن يجبر الزارع على أخذ قيمة زرعه ، سواء كان قلع الزرع مضرا بأرضه أم لا . ليس لعرق ظالم [ ص: 368 ] حق
وقال أبو حنيفة : إن كان قلعه مضرا بالأرض أجبر الزارع على أخذ قيمته مقلوعا ، استدلالا برواية عطاء عن أبي رافع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ، ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم : من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته . لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه
فأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم : فمن وجهين : فليس له من الزرع شيء
أحدهما : أن معناه ليس له منه شيء إذا روضي على أخذ قيمته .
والثاني : أنه ليس له حق في استيفائه ، وقوله : أي : زرعه ، ويحتمل أن يكون معناه أن نفقته هي من ماله لا يرجع بها على غيره . وله نفقته
فإن قيل : إذا جعلتم ولد الأمة من زنا لسيدها دون الزاني بها لعدوانه لزمكم أن تجعلوا زرع الغاصب لرب الأرض دون الغاصب لعدوانه .
قيل : الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن زرع الغاصب من بذره يقينا فجعل له ، وولد الزاني من مائه ظنا لا يقينا فلم يجعله له .
والثاني : أن بذر الزارع مال مملوك تجوز المعاوضة عليه ، فصار ما حدث عنه ملكا للغاصب ، وليس ماء الزاني موصوفا بالملك ، ولا تجوز عليه المعاوضة فلم يصر ما حدث عنه ملكا للزاني .