الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال المزني رحمه الله تعالى : " لو اختلفا بعد أن أثمرت النخل على مساقاة صحيحة فقال رب النخل على الثلث وقال العامل بل على النصف تحالفا وكان له أجر مثله في قياس قوله ، كان أكثر مما أقر له به رب النخل أو أقل ، وإن أقام كل واحد منهما البينة على ما ادعى سقطتا وتحالفا كذلك " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا اختلف رب النخل ، والعامل بعد اتفاقهما على أصل العقد في صفة من صفاته ، كالعرض ، فيقول رب النخل : ساقيتك على الثلث ويقول العامل : على النصف ، واختلفا في المدة ، أو في النخل ، فانهما يتحالفان كما يتحالف المتبايعان بكونهما مختلفين في عقد معاوضة وقع الاختلاف في صفته ، ما لم تقم بينة بما اختلفا فيه ، فإذا تحالفا على ما مضى في البيوع فسخت المساقاة بينهما .

                                                                                                                                            فإن لم يكن للعامل عمل فلا شيء له ، وإن كان له عمل ، فله أجرة مثله سواء كان أقل مما ادعى ، أو أكثر ، سواء أثمرت النخل ، أو لم تثمر ؛ لأن العقد إذا ارتفع بالتحالف بطل المسمى ، واستحق قيمة المتلف .

                                                                                                                                            فإن حلف أحدهما دون الآخر قضي للحالف منهما دون الناكل ، وإن كانت بينة عمل عليها من غير تحالف ، والبينة شاهدان ، أو شاهد وامرأتان ، أو شاهد ويمين .

                                                                                                                                            فإن أقام كل واحد منهما بينة فقد تعارضتا ، وفيهما قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : تسقط البينتان ، ويرجعان إلى التحالف .

                                                                                                                                            والثاني : يقرع بينهما فأيهما قرعت قرعته حكم بها ، وهل يحلف صاحبها معها ، أم لا ؟ على قولين ، فأما استعمال البينتين ، أو وقوفهما فلا يجيء في هذا الموضوع ، أما استعمالها فلأن قسمة العقد لا تصح وأما وقوفهما فلأن وقوف العقد لا يجوز .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية