الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإن أكراه إلى مكة فشرط سيرا معلوما فهو أصح ، وإن لم يشترط فالذي أحفظه أن السير معلوم على المراحل : لأنها الأغلب من سير الناس كما أن له من الكراء الأغلب من نقد البلد وأيهما أراد المجاوزة ، أو التقصير لم يكن له " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح : لأن السير لا يمكن أن يتصل ليلا أو نهارا ، فلم يكن بد من وقت استراحة ووقت سير ، فإن شرطا في عقد الإجارة قدر سيرها في كل مرحلة بفراسخ معلومة وفي وقت من الزمان معلوم كأول النهار أو آخره ، أو أول الليل أو آخره ، أو طرفي النهار صح العقد وحملا على شرطهما سواء وافقا فيه عرف الناس ، أو خالفاه كما لو شرطا في الأجرة نقدا سمياه صح به العقد سواء وافقا فيه الأغلب من نقود الناس ، أو خالفاه وإن لم يشترطا سيرا معلوما في زمان معلوم نظر ؛ فإن كان سير الناس في طريقهم معلوما بمنازل قد تقدرت لهم عرفا وفي زمان قد صار لهم إلفا كمنازل طريق مكة في وقتنا ، وسير الحاج فيها في أوقات راتبة صحت الإجارة مع إطلاق السير وحملا على عرف الناس في سيرهم قدرا ووقتا ، وإن كان سير الناس مختلفا بطلت الإجارة كما أن إطلاق النقد في الأجرة يوجب حملها على الأغلب من نقد البلد فإن كان نقد الناس مختلفا بطلت الإجارة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية