الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا استأجر امرأة لرضاع طفل جاز إذا عرفت سنه مشاهدة أو خبرا وكان زمان رضاعه معلوما ، فإن لم تشاهده ولا أخبرت بسنه لم يجز لاختلاف شربه باختلاف سنه ثم عليها [ ص: 424 ] أن تسقيه قدر ريه وفي أوقات حاجته ، وإن كان ذلك مجهولا فهي جهالة لا يمكن الاحتراز منها فعفي عنها ، فإن شرط عليها مع الرضاع حضانة الطفل وخدمته لزمها ، وإن أغفلا ذلك ففي لزومه لها وجهان من اختلاف أصحابنا في الحضانة ، هل مقصودها الرضاع والخدمة ، أم الخدمة ، والرضاع تبع ؟ . فأحد الوجهين :

                                                                                                                                            أن الخدمة تبع للرضاع في الحضانة ، فعلى هذا لا تجبر على خدمته .

                                                                                                                                            والثاني : أن الرضاع تبع للخدمة ، فعلى هذا تجبر على خدمته وليس على المرضعة أن تأتي إلى الطفل فترضعه بل على ولي الطفل إذا أراد إرضاعه أن يحمله إليها ليرتضع ، ولولي الطفل أن يمنعها من أكل ما يضر بلبنها : فإن كان الطفل لا يستمرئ لبنها لعلة في اللبن ، فهذا عيب وللمستأجر الفسخ ، ولو كانت ذات زوج لم يمنع الزوج من وطئها ؛ فإن لم يعلم المستأجر أنها ذات زوج ، فله الفسخ وللزوج أن يمنع زوجته من إجارة نفسها مرضعا ، فإن أجرت نفسها فله الخيار في فسخ الإجارة عليها ، وإذا سقت المرضعة الطفل من لبن غيرها ؛ فإن كانت الإجارة في الذمة فلها الأجرة ، وإن كانت معينة فلا أجرة لها . وقال أهل العراق : لها الأجرة .

                                                                                                                                            ولو ماتت المرضعة بطلت الإجارة ، ولو مات الطفل ففي بطلان الإجارة قولان : أحدهما : قد بطلت .

                                                                                                                                            والثاني : لا تبطل ويأتي المستأجر ببدله على ما سنذكره في الخلع وإذا ضاع حلي الطفل لم تضمنه إن قيل إن العوض للرضاع والخدمة تبع ، فإن قيل : إن العوض أجرة للخدمة والحفظ فهي كالأجير لا يضمن إن كان منفردا ويضمن في أحد القولين إن كان مشتركا ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية