الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أنها تجب بطلوع الفجر الثاني ، فقد اختلف فيها ، هل هي من صلاة الليل أو من صلاة النهار ؟ فقال قوم : هي من صلاة الليل . حكي ذلك عن حذيفة بن اليمان ، والشعبي ، والحسن بن صالح لقوله صلى الله عليه وسلم : صلاة النهار عجما إلا الجمعة ، والعيدين ولأنه لما كان ما بعد غروب الشمس من الليل ، اقتضى أن يكون ما قبل طلوعها من الليل

                                                                                                                                            وقال آخرون : هي من صلاة النوم وليست من صلاة النهار ولا من صلاة الليل ، لقوله تعالى : تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل [ آل عمران : 27 ] ، فاقتضى أن [ ص: 30 ] يكون زمان ولوج الليل في النهار وليس من الليل ولا من النهار ، ويكون الليل الذي لم يلج فيه شيء من النهار ليلا وهو ما قبل الفجر ، والنهار الذي لم يلج فيه شيء من الليل نهارا ، وهو ما بعد طلوع الشمس ، ومذهب الشافعي ومالك ، وأبي حنيفة ، أنها من صلاة النهار ، وأول صلاة النهار طلوع الفجر لقوله تعالى : وأقم الصلاة طرفي النهار [ الإسراء : 78 ] . والمراد بالطرف الأول : صلاة الصبح في قول جميع المفسرين ، وقد أضافها إلى النهار ، ولأننا وجدنا ضياء النهار يطرأ على ظلمة الليل في الفجر ، كما طرأت ظلمة الليل على ضياء النهار في المغرب ، فلما كان الحكم للطارئ في المغرب لا للزائل وجب أن يكون الحكم للطارئ في الفجر من الضياء لا للزائل ، ولأنه لما لم يجز أن يكون ما بعد غروب الشمس زمانا ليس من الليل ولا من النهار وإن كان وقتا لولوج أحدهما في الآخر ، لم يجز أن يكون ما قبل طلوع الشمس زمانا ليس من الليل ولا من النهار وإن كان وقتا لولوج أحدهما في الآخر

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية