الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو كانت الأرض ذات نهر مثل النيل وغيره مما يعلو الأرض على أن يزرعها زرعا لا يصلح إلا بأن يروى بالنيل لا بئر لها ، ولا مشرب غيره فالكراء فاسد " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها في أرض على نهر يعلو على ماء البئر ، فلا يقدر على سقيها إلا بأن يزيد ماء ذلك النهر حتى يعلو فيسقط كأرض النيل ، والفرات ، وما انحدر من أرض دجلة ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يؤجرها عند زيادة الماء وعلوه ، وإمكان سقي الأرض به ، فالإجارة جائزة لوجود الماء وإمكان الزرع ، وليس ما يخاف من صدور نقصانه بمانع من صحة الإجارة لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن ما يظن من حدوث الأسباب المفسدة للعقد لا يمنع في الحال من صحته ، كموت العبد ، وانهدام الدار .

                                                                                                                                            والثاني : أن حدوث النقصان إنما يكون عرفا بعد اكتفاء الأرض وارتواء الزرع فلم يكن له تأثير .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يؤجرها عند نقصان الماء وقبل زيادته ؛ فالإجارة باطلة لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن زرعها بعد العقد غير ممكن ، فصار استيفاء المنفعة متعذرا .

                                                                                                                                            والثاني : أن حدوث الزيادة مظنون قد يحدث ولا يحدث ، وقد يحدث منها ما يكفي وما لا يكفي ، فلهذين بطلت الإجارة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية