[ ص: 493 ] باب تفريق القطائع وغيرها
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " : أحدهما : ما مضى . والثاني : إقطاع إرفاق لا تمليك مثل المقاعد بالأسواق التي هي طريق المسلمين فمن قعد في موضع منها للبيع كان بقدر ما يصلح له منها ما كان مقيما فيه ، فإذا فارقه لم يكن له منعه من غيره كأفنية العرب وفساطيطهم ، فإذا انتجعوا لم يملكوا بها حيث تركوا " . والقطائع ضربان
قال الماوردي : وهذا صحيح قد ذكرنا أن إقطاع السلطان إنما يتوجه إلى ما كان مباحا من الأرض لم يجر عليه ملك مسلم ، قال الشافعي في الأم : وليس للسلطان أن يعطي إنسانا ما لا يحل للإنسان أن يأخذه من موات لا مالك له ، والسلطان لا يحل له شيئا ، ولا يحرمه ، ولو لم يكن له أخذه ، فدل ذلك من قوله مع ما قد استقرت عليه أصول الشرع أن ما استقر عليه ملك آدمي لم يجز للسلطان أن يقطعه أحدا ، وإن أقطعه جاز للمقطع أن يملكه ، فأما أعطى السلطان أحدا شيئا لا يحل له : ما لم يستقر عليه ملك من سباخ الأرض فينقسم ثلاثة أقسام
قسم لا يجوز إقطاعه ، وقسم يجوز إقطاعه ، وقسم اختلف قوله في جواز إقطاعه ، فأما فالماء والكلأ وسائر المعادن الظاهرة ، وقد مضى الكلام فيها ، وأما ما اختلف قوله في جواز إقطاعه فهي المعادن الباطنة ويأتي الكلام فيها ، وأما ما لا يجوز إقطاعه فينقسم ثلاثة أقسام : قسم يملك بعد الإقطاع ، وقسم لا يملك ، وقسم اختلف قوله في تمليكه ، فأما ما يملك بعد الإقطاع فهو الموات يملك بالإحياء ملكا مستقرا وقد مضى ، وأما ما يملك بالإقطاع فهو الذي ذكره في هذا الباب ، وهو الارتفاق بمقاعد الأسواق وأقنية الشوارع وحريم الأمصار ومنازل الأسفار ، أن يجلس فيه الباعة وأن تحط فيه الرحال فهذا مباح ، قد أقر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس عليه ما يجوز إقطاعه بمكة والمدينة ، ومكن الخلفاء الراشدون بعده في الأمصار كلها فتوحها ومحياها ، ولأن حاجة الناس إلى ذلك ماسة وضرورتهم إليه داعية فجرى مجرى الاستطراق ، والارتفاق ، وأما ما اختلف قوله في تمليكه فهو المعادن الباطنة .