مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وللجدة والجدتين السدس " .
قال الماوردي : الأصل في السنة وأنه ليس لها في كتاب الله - عز وجل - فرض مسمى ، روى ميراث الجدة عثمان بن إسحاق بن خرشة عن قبيصة بن ذؤيب قال : أبي بكر - رضوان الله عليه - تسأله ميراثها ، فقال : ما لك في كتاب الله - عز وجل - شيء ، وما علمت لك في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا ، فارجعي حتى أسأل الناس ، فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس . فقال جاءت الجدة إلى أبو بكر : هل معك غيرك ؟ فقام محمد بن مسلمة فقال ما قال المغيرة ، فأنفذه لها أبو بكر ، ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر - رضوان الله عليه - تسأله ميراثها ، فقال : ما لك في كتاب الله شيء ، وما كان القضاء الذي قضي به إلا لغيرك ، وما أنا بزائد في الفرائض ، ولكن هو ذلك السدس ، فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما ، وأيتكما خلت به فهو لها .
وحكي أن الجدة التي ورثها أبو بكر أم الأم ، والجدة التي جاءت إلى عمر فتوقف عنها أم الأب ، فقالت أو قال بعض من حضره : يا أمير المؤمنين ، ورثتم التي لو ماتت لم يرثها ولا تورثون من لو ماتت ورثها ، فحينئذ ورثها عمر .
وروى سليمان بن بريدة عن أبيه ، وأجمعوا على توريث الجدات وأن فرض الواحدة والجماعة منهن السدس لا ينقصن منه ولا يزيدن عليه إلا ما حكي عن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أتم طاوس أنه جعل للجدة الثلث في الموضع الذي ترث فيه الأم الثلث تعلقا بقول ابن عباس الجدة بمنزلة الأم إذا لم تكن أم ، فمنهم من جعل هذا مذهبا لابن عباس أيضا ، ومنهم من منع أن يكون له مذهبا وتأول قوله " إنها بمنزلة الأم " في الميراث لا في قدر الفرض ، لما روي عن ابن عباس وهو لا يخالف ما رواه ، ولأن قضية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورث الجدة السدس أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - في إعطائها السدس مع سؤال الناس عن فرضها ورواية المغيرة ومحمد بن مسلمة ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبول الصحابة ذلك منهما مع العمل به إجماع منعقد لا يسوغ خلافه .
وروى قاسم بن محمد قال : جاءت جدتان إلى أبي بكر - رضي الله عنه - فأعطى التي من قبل الأم السدس ، فقال عبد الله بن شرحبيل أخو بني حارثة : يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ورثت التي لو ماتت لم يرثها ، فجعله أبو بكر بينهما . والله أعلم .