مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وإن قرب بعضهن دون بعض فكانت الأقرب من قبل الأم فهي أولى ، وإن كانت الأبعد شاركت في السدس ، وأقرب اللائي من قبل الأب تحجب بعداهن ، وكذلك تحجب أقرب اللائي من قبل الأم بعداهن " .
[ ص: 112 ] قال الماوردي : وهذا كما قال إذا فقد اختلف في توريثهن ، فحكي عن تحاذى الجدات في الزوج ورث جميعهن إلا التي تدلي بأبي الأم ، فأما إذا اختلفت درجتهن علي بن أبي طالب - عليه السلام - أنه ورث القربى دون البعدى ، وبه قال الحسن وابن سيرين وأبو حنيفة وأصحابه وداود بن علي ، وقد حكاه الكوفيون والشعبي والنخعي عن زيد بن ثابت .
وحكي عن عبد الله بن مسعود أنه ورث القربى والبعدى إلا أن يكون إحداهما أم الأخرى ، وبه قال إسحاق بن راهويه وأبو ثور ، وحكى الحجازيون عن سعيد بن المسيب وعطاء وخارجة بن زيد عن زيد بن ثابت وهو المعمول عليه من قوله إنه إن كانت التي من قبل الأب أقرب فالسدس لها ، وسقطت التي من قبل الأب ، وإن كانت التي من قبل الأب أقرب فالسدس بينهما ، وبه قال الشافعي ومالك والأوزاعي ، واستدل من ورث القربى دون البعدى بأن اشتراك من تساوت درجتهم في الميراث توجب سقوط أبعدهم عن الميراث كالعصبات ، واستدل من ورث القربى والبعدى بأن الجدات يرثن بالولادة كالأجداد ، فلما كان الجد الأبعد مشاركا للجد الأقرب في مقاسمة الإخوة كانت الجدة البعدى مشاركة للجدة القربى في الفرض ، والدليل على صحة ما ذهب إليه الشافعي هو أن الجدات يرثن بالولادة كالأب ، فلما كانت الأم تسقط جميع الجدات وإن كن من قبل الأب لقربها وبعدهن ولا يسقط الأب ومن بعد من جدات الأم مع قربه وبعدهن وجب أن تكون القربى من جدات الأم تحجب البعدى من جدات الأب كالأم ولا تكون القربى من جدات الأب تحجب البعدى من جدات الأم كالأب ، وهذا دليل وانفصال .