الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما بنو السبيل فهم المسافرون ؛ سموا بذلك لأنهم بملازمة سبيل السفر قد صاروا كأبنائه ، وهم ضربان : منشئ سفر ، ومجتاز فيه ، وكلا الفريقين يعتبر فيهم الحاجة في سفرهم ، ولا يدفع إليهم مع عدم الحاجة إلا أن الناشئ لسفره لا يدفع إليه مع الفقر ، والمجتاز يجوز أن يدفع إليه مع الغنى إذا كان في سفره معدما . ثم اختلف أصحابنا فيهم على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لبني السبيل من جميع الناس .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه لبني السبيل من المجاهدين خاصة ، فعلى الوجه الأول أنه لبني السبيل من جميع الناس يتعلق عليه الأحكام الثلاثة التي ذكرناها في المساكين :

                                                                                                                                            أحدها : أنه يجوز أن يختص به بعض المساكين دون جميعهم .

                                                                                                                                            والحكم الثاني : أنه يجوز أن يجتهد الإمام برأيه في التسوية والتفضيل .

                                                                                                                                            والحكم الثالث : أنه يجوز أن يجمع لهم بين سهمهم من الخمس وبين سهمهم من الزكاة .

                                                                                                                                            وعلى الوجه الثاني أنه يخص به بنو السبيل من المجاهدين ، فعلى هذا يتعلق عليه الأحكام الثلاثة :

                                                                                                                                            أحدها : أنه يجب أن يفرق في جميعهم ولا يخص به بعضهم : فعلى مذهب الشافعي يفرق في بني السبيل في الأقاليم كلها ، وعلى مذهب أبي إسحاق المروزي يفرق في بني السبيل في إقليم الثغر المغنوم فيه .

                                                                                                                                            والحكم الثاني : أنه يسوى بين جميعهم فيه تقسيطا على مسافة أسفارهم ، فيكون تسوية بينهم في الباطن وإن تفاضلوا في الظاهر ، ومن هذا الوجه باينوا المساكين الذين يسوى بينهم في الظاهر والباطن .

                                                                                                                                            والحكم الثالث : أنه لا يجمع لهم بين سهم من الخمس وبين سهم من الزكاة . وتميز بنو السبيل في الخمس عن بني السبيل في الزكاة ؛ فعلى هذا لو أن شخصا جمع بين [ ص: 440 ] المسكنة وبين كونه ابن السبيل أعطى بأي السببين شاء ، ولا يكون أحدهما أخص به من الآخر ولا يجمع له بين الأمرين ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية