الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما ما يترتبون فيه فهو الديوان الموضوع لإثبات أسمائهم ومبلغ أرزاقهم يترتبون فيه بشيئين :

                                                                                                                                            أحدهما : النسب .

                                                                                                                                            والثاني : السابقة على ما سنذكره من بعد ، حتى إذا دعوا للعطاء ، أو الغزو قدم فيه المقدم في الديوان لما روي أن عمر - رضي الله عنه - وضع الديوان على هذا حفظا للأسماء والأرزاق ، فإن قيل لم استحدث عمر وضع الديوان ولم يكن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا على عهد أبي بكر وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ؟

                                                                                                                                            [ ص: 462 ] قيل لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : الحاجة دعته إليه عند كثرة الجيش واختلاف الثغور ليحفظ به ثلاثة أشياء لا تنحفظ بغيره :

                                                                                                                                            أحدها : حفظ أسمائهم وأنسابهم .

                                                                                                                                            والثاني : حفظ أرزاقهم وأوقات عطائهم .

                                                                                                                                            والثالث : ترتيبهم بالنسب والسابقة في إسلامهم وبأنفسهم ، وكل ذلك احتياط في الدين ومستحسن بين المسلمين ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيئ ، فهذا وجه .

                                                                                                                                            والثاني : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فعل ما نبه به على وضع الديوان وإن أخره للاستغناء عنه مع اجتماع الجيش وقلتهم ، كالذي فعله من تعريف العرفاء واختيار النقباء والمخالفة بين الشعار والنداء ، فتمم عمر بوضع الديوان ما ابتدأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - من مقدماته حين احتاج إليه ، وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مستغنيا عنه فلم يكن في ذلك مخالفا ولا مبتدعا ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية