فصل : فإذا ثبت ما وصفنا بين أمرين : فالإمام فيمن قلده من عماله الصدقة
إما أن يعقد معه إجارة على عمل معلوم في زمان معلوم بأجرة معلومة ، فيكون العقد لازما له وله الأجرة إذا عمل ، وإما أن يجعلها جعالة فيقول : إن عملت كذا فلك كذا ، فتكون هذه جعالة لا تلزم وله إن عمل ما يسمى له ، فإن استعمله من غير إجارة ولا جعالة فله أجرة المثل ، ثم : لا يخلو سهم العاملين عليها ، وأجرهم من ثلاثة أقسام
أحدها : أن يتساويا فتكون الأجرة بقدر سهمهم من غير زيادة ولا نقص فنقص عليها ، وقد استوفوا أجورهم من سهمهم ، وسواء كانوا أغنياء أو فقراء : لأنها معاوضة فلم يعتبر فيها الفقر ، وقد روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الحديث . وروى لا تحل الصدقة إلا لخمسة : العامل عليها وغاز في سبيل الله ابن الساعدي قال : بعثني عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عاملا على الصدقة ، فلما رجعت بها وأديتها أعطاني عمالتي فقلت : إنما عملت لله وإنما أجري على الله ، فقال : خذ ما أعطيتك فقد فعلت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثلما فعلت فأعطيت مثلما أعطيت فقلت مثلما قلت ، فقال : إذا أعطيت من غير أن تسأل فكل وتصدق . فدل على ما ذكرنا من الخبرين على جواز ذلك مع الغنى والفقر .
والقسم الثاني : أن تكون أجور العاملين أقل وسهمهم أكثر فيدفع إليهم من سهمهم قدر أجورهم ويرد الفاضل منه على السهمان كلها بالتسوية ولا يستبقي لعامله على غير تلك الصدقة .
والقسم الثالث : أن تكون أجور العاملين أكثر وسهمهم أقل فيدفع إليهم سهمهم ويتمم له باقي أجورهم ومن أين يتمم ؟ فيه قولان :
أحدهما : من تلك الصدقة التي عملوا فيها لاختصاص عملهم بها .
والثاني : من مال المصالح وهو خمس الخمس من الفيء والغنيمة : لأن ذلك من جملتها .