الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الفصل الثالث فهو وجوب النية في السلام فالظاهر من مذهب الشافعي ، [ ص: 147 ] وهو قول جمهور أصحابنا وجوب النية في السلام ، وأنه لا يصح الخروج من الصلاة حتى يقترن بسلام الخروج منها

                                                                                                                                            وقال أبو حفص بن الوكيل : " يصح الخروج من الصلاة بمجرد السلام ، وإن لم يقترن به نية الخروج ، قال : لأن النية إنما تجب في الدخول في الصلاة لا في الخروج منها كالصيام ، والحج ، وهذا الذي قاله أبو حفص وإن كان مطردا على الأصول من وجوه فهو مخالف له من وجوه ، لأن الصلاة لما خالفت سائر العبادات في أن الخروج منها لا يصح إلا بنطق كالدخول فيها خالفتها في أن الخروج منها لا يصح إلا بنية تقترن بالنطق كالدخول فيها ، فإذا ثبت أن النية في السلام مستحقة فلا يخلو حال المصلي من أن يكون إماما أو مأموما أو منفردا ، فإن كان منفردا نوى بالتسليمة الأولى الخروج من صلاته ومن على يمينه من الحفظة ، ونوى بالتسليمة الثانية من على يساره من الحفظة ، ولم يحتج إلى نية الخروج من صلاته ، لأنه قد خرج منها بالتسليمة الأولى وإن كان إماما نوى بالتسليمة الأولى ثلاثة أشياء ، الخروج من صلاته ، ومن على يمينه من الحفظة ، والمأمومين ، ونوى بالتسليمة الثانية شيئين ، من على يساره من الحفظة ، والمأمومين ، وإن كان المصلي مأموما فإن لم يكن على يمينه أحد من المصلين نوى بالتسليمة الأولى شيئين ، الخروج من الصلاة ومن على يمينه من الحفظة ، ونوى بالتسليمة الثانية ثلاثة أشياء من على يساره من الحفظة والإمام والمأمومين ، ولوكانوا جميعا على يمينه وليس على يساره أحد نوى بالتسليمة الأولى أربعة أشياء فالخروج من صلاته ، ومن على يمينه من الحفظة ، والإمام ، والمأمومين ، ونوى بالتسليمة الثانية شيئا واحدا ، وهو من على يساره من الحفظة ، وإن كان وسطا فإن كان الإمام إلى اليمين أقرب نوى بالأول أربعة أشياء الخروج من صلاته ، ومن على يمينه من الحفظة ، والإمام والمأمومين ، ونوى بالثانية شيئين من على يساره من الحفظة ، والمأمومين ، وإن كان الإمام إلى اليسار أقرب نوى بالأولى ثلاثة أشياء ، الخروج من صلاته ، ومن على يمينه من الحفظة ، والمأمومين ، وبالثانية ثلاثة أشياء من على يساره من الحفظة والإمام والمأمومين فهذا هو الكمال من نيته ، والواجب من جميعه أن ينوي الخروج من صلاته لا غير ، فإذا نواه دون ما سواه في التسليمة الأولى أو الثانية أجزأته صلاته ، لكن إن نواه في الثانية كان في التسليمة الأولى كالمسلم في صلاته ناسيا ، فيلزمه سجود السهو ، فلو سلم غيرنا وللخروج من صلاته لم يجزه على مذهب الشافعي وأجزأه على مذهب أبي حفص بن الوكيل

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية