الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رحمه الله : " والتشهد أن يقول التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله ، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله " . يقول هذا في الجلسة الأولى وفي آخر صلاته "

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهو كما قال

                                                                                                                                            وقد مضى في وجوب التشهد

                                                                                                                                            وأما الكلام في أفضله فمختلف فيه لاختلاف رواته فروى ابن مسعود ، رضي الله عنه ، تشهدا ، وروى عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، تشهدا ، وروى ابن عباس ، رضي الله عنه ، تشهدا

                                                                                                                                            فأما تشهد ابن مسعود فرواه سليمان الأعمش عن شقيق بن سلمة ، عن ابن مسعود قال : كنا إذا جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا : السلام على الله قبل عباده ، السلام على فلان وفلان . فقال رسول الله : " لا تقولوا السلام على الله فإن الله عز وجل هو السلام ، ولكن إذا جلس أحدكم فليقل : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

                                                                                                                                            فأخذ بهذا التشهد أبو حنيفة والعراقيون

                                                                                                                                            وأما تشهد عمر ، رضي الله عنه ، فرواه الزهري عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال : سمعت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وهو على المنبر يعلم الناس [ ص: 156 ] التشهد : " قولوا التحيات لله الزاكيات لله الصلوات الطيبات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله "

                                                                                                                                            فأخذ بهذا التشهد مالك ، والمدنيون

                                                                                                                                            فأما تشهد ابن عباس فرواه الشافعي عن يحيى بن حسان ، عن الليث بن سعد عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير ، وطاوس ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن فكان يقول : التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله "

                                                                                                                                            فأخذ بهذا التشهد الشافعي ، والمكيون وهذا بإسقاط الألف واللام من السلام في الموضعين ، ورواه أبو داود بإثبات الألف واللام ، وما اختاره الشافعي من تشهد ابن عباس أولى من وجوه

                                                                                                                                            منها : زيادة على الروايات بقوله المباركات ، ولتعليم النبي صلى الله عليه وسلم له كتعليم القرآن ولتأخره عن رواية غيره ، والأخذ بالمتأخر أولى ولقوله تعالى : تحية من عند الله مباركة طيبة [ النور : 61 ] . وما وافق كتاب الله ، عز وجل ، أولى ، وبأي هذه الروايات تشهد أجزأه ، وكان أبو العباس بن سريج يقول : كل ذلك من الاختلاف المباح الذي ليس بعضه أولى من بعض ، كما قال في الأذان وليس كما قال

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية