فصل : في تعليق الطلاق بالحيض
طلقت بدخولها في أول الحيض ويكون طلاق بدعة ، فإذا رأت الدم في زمان العادة فالظاهر أنه أول الحيض فيحكم بوقوع الطلاق ، فإن استدام يوما وليلة تحقق وقوعه ، وإن انقطع لأقل من يوم وليلة بان أنه لم يكن حيضا وأن الطلاق لم يقع ، وإن رأت الدم قبل وقت العادة فالظاهر أنه ليس بحيض ، وأن الطلاق لم يقع ، وإن استدام يوما وليلة بان أنه كان حيضا وأن الطلاق وقع بأول الدم ، وإذا قال لها وإذ هي طاهر إذا حضت فأنت طالق لم تطلق في بقية حيضها حتى تطهر منها ثم تحيض بعد طهرها فتطلق كما ذكرنا في الطهر ، ويكون طلاق بدعة ، ولو قال لها وهي حائض : إذا حضت فأنت طالق ، فإن كانت طاهرا فإذا مضى بقية طهرها ثم حيضة كاملة بعدها ثم دخلت في أول الطهر الثاني طلقت وكان طلاق سنة . ولو كانت حائضا فإذا مضى بقية حيضها ثم طهر كامل ثم حيضة كاملة ثم دخلت في أول الطهر الثاني طلقت ، وكان طلاق سنة . ولو قال لها : إن كنت حائضا فأنت طالق ، فكانت طاهرا لم تطلق في الحال ولا إذا حاضت في ثاني حال . لو قال لها : إذا حضت حيضة فأنت طالق ، طلقت بالحيض في الحال . ولو قال لها أنت طالق في حيضك
فإن لم تكن فبالحيض المستقبل مما قلنا في الطهر ، طلقت بدخولها في الحيضة الأولى طلقة واحدة ، وبدخولها في الحيضة الثانية طلقة ثانية ، وبدخولها في الحيضة الثالثة طلقة ثالثة ، لأن لفظ " كلما " موضوع للتكرار ، ويكون الثلاث كلهن طلاق بدعة وتنقضي عدتها بدخولها في الحيضة الرابعة ، لأن لها في الثلاث حيض طهرين فتأتي بالطهر الثالث وانقضاؤه يكون بدخولها في الحيضة الرابعة ، ولو كان قال لها كلما حضت حيضة فأنت طالق ، طلقت ثلاثا بدخولها في الطهر الثالث وانقضت عدتها بدخولها في الحيضة الرابعة ، ويكون هذا طلاق سنة ، لأنه يقع في أول كل طهر . فلو قال : كلما حضت فأنت طالق
فصل آخر منه : فإن صدقها فيه طلقت ، وإن أكذبها فقولها فيه مقبول على نفسها ، وله إحلافها ، وقد طلقت . ولو قال لها : قد حضت . فقالت : لم أحض طلقت بإقراره . وإذا قال لها : إذا حضت فأنت طالق فقالت : قد حضت . فإن صدقها طلقت ضرتها ، وإن أكذبها لم تطلق ضرتها ، لأن قولها في حيضها وإن كان مقبولا على نفسها ، مع تكذيب الزوج فهو غير مقبول على غيرها إلا بتصديق الزوج . كالمودع يقبل قوله في الوديعة [ ص: 137 ] على ما ذكرنا ولا يقبل قوله في ردها على غيره . ولو قال لها : إذا حضت فضرتك عمرة طالق ، فقالت : قد حضت فإن صدقها طلقت هي وضرتها ، وإن أكذبها طلقت هي ، ولم تطلق ضرتها لأن قولها على نفسها مقبول وعلى ضرتها غير مقبول ، فإن صدقتها الضرة على الحيض لا يؤثر تصديقها ، لكن لها إحلاف الزوج على تكذيبها ، وهو مخير في يمينه بين أن يحلف أن تلك لم تحض أو يحلف أن الضرة لم تطلق : لأن المقصود بالحيض وقوع الطلاق في أن تكون اليمين معقودة عليه . فلو قال لها : إذا حضت فأنت وضرتك طالقتان فقالت قد حضت
فصل آخر منه : فإن حاضت إحداهما لم تطلق واحدة منهما ، وإن حاضتا طلقتا . فلو قالتا قد حضنا ، فإن صدقهما طلقتا ، وإن أكذبهما لم يطلقا : لأن طلاق كل واحدة منهما بحيضها فحيض ضرتها ، وقولها وإن كان مقبولا على نفسها فقول ضرتها غير مقبول عليها ، فلو صدق إحداهما وكذب الأخرى ، طلقت المكذبة دون المصدقة : لأن المكذبة قولها مقبول على نفسها ، وقد صدق عليها ضرتها فطلقت ، فضرة المصدقة مكذبة عليها فلم تطلق . ولو قال وله زوجتان : إذا حضتما فأنتما طالقتان ،
فإذا حاضت واحدة منهن أو اثنتان لم تطلق واحدة منهن . فإذا حضن معا طلقن كلهن ، فلو قلن : قد حضن فإن صدقهن طلقن وإن كذبهن لم يطلقن ، وإن صدق واحدة وكذب اثنتين لم تطلق واحدة منهن : لأن في طلاق كل واحدة منهن مكذبة عليها . ولو صدق اثنتين وكذب واحدة طلقت المكذبة وحدها : لأنه قد صدق ضرتيها عليها ، ولا تطلق كل واحدة من المصدقتين : لأن في إحدى ضرتيها مكذبة . فلو قال وهن ثلاث إذا حضتن فأنتن طوالق ،
فقلن : قد حضنا فإن صدقهن طلقن وإن كذبهن لم يطلقن ، وإن صدق واحدة وكذب ثلاثا لم يطلقن ، وكذلك لو صدق اثنتين وكذب اثنتين لم تطلق واحدة منهن : لأن طلاق كل واحدة يكون بحيضها وحيض ضرائرها الثلاث وكل واحدة من المصدقتين قد كذب عليها ضرتين ، وكل واحدة من المكذبتين قد كذب عليها ضرة ، فلو صدق ثلاثا وكذب واحدة طلقت المكذبة وحدها دون المصدقات : لأن قول المكذبة مقبول على نفسها وقد صدق ضرائرها عليها فطلقت . ولو كن أربعا فقال : إذا حضتن فأنتن طوالق
وكل واحدة من المصدقات قد كذب عليها واحدة من ضرائرها فلم تطلق .
فصل آخر منه : فإن حاضت واحدة منهن لم تطلق ، وطلق كل واحدة من ضرائرها واحدة : لأن حيض كل واحدة شرط في طلاق غيرها . فإن حاضت ثانية لم تطلق هي ، وطلقت الحائض الأولى واحدة ، وطلقت كل واحدة في الحيضة الثانية ثانية ثانية ، فإن حاضت ثالثة [ ص: 138 ] طلقت بها الأولى طلقة ثانية وطلقت الثانية طلقة ثانية وطلقت بها والرابعة طلقة ثالثة ، فإن حاضت الرابعة طلقت بها الأولى طلقة ثالثة ، وطلقت بها الثانية طلقة ثانية ، وطلقت بها الثالثة طلقة ثالثة ، فيطلقن ثلاثا ثلاثا ، فلو قلن : قد حضنا فإن كذبهن لم تطلق واحدة منهن ، لأن طلاقها بحيض ضرائرها لا بحيضها ، وإن صدق واحدة منهن وكذب الباقيات طلقت كل واحدة من المكذبات الثلاث واحدة واحدة : لأنه قد صدق عليها واحدة ، ولا تطلق المصدقة : لأن كل واحدة من ضرائرها مكذبة . وإذا كان له أربع زوجات فقال : أيتكن حاضت فضرائرها طوالق
ولو صدق اثنتين وكذب اثنتين طلقت كل واحدة من المكذبتين طلقتين : لأنه قد صدق عليها ضرتين وطلقت كل واحدة من المصدقتين طلقة واحدة ، لأنه قد صدق عليها ضرة واحدة ، ولو صدق ثلاثا وكذب واحدة طلقت المكذبة ثلاثا ؛ لأنه قد صدق عليها ثلاث ضرائر وطلقت كل واحدة من المصدقات طلقتين : لأنه قد صدق عليها ضرتين ، ولو صدق الأربع كلهن طلقت واحدة منهن ثلاثا : لأنه قد صدق عليها ثلاث ضرائر .