الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما أحمد بن حنبل فاستدل بما روي عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : كانت تدخل إلينا جارية فينظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عندنا فأعرض عنها فقلت : يا رسول الله ، إنها فلانة فقال : " أو ليس قد حاضت " . قال : فلو لم يكن وجهها عورة فكان النظر إليها جائزا لما أعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم والنظر إليها كنظره إليها قبل بلوغها قال : وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي بن أبي طالب ، رضي الله عنه : يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والآخرة عليك

                                                                                                                                            والدلالة عليه قوله تعالى : ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها [ النور : 31 ] . قال ابن عباس : الوجه والكفان

                                                                                                                                            وقال تعالى : لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن [ الأحزاب : 52 ] . ولا يعجب حسنهن إلا بالنظر إليهن وقال تعالى : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم [ النور : 30 ] . ولم يقل : أبصارهم . فدل على أن الغض عن بعض دون بعض

                                                                                                                                            وروي أن امرأة خرجت يدها لتبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " هذه كف مبيع أين الحياء "

                                                                                                                                            [ ص: 169 ] وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا عركت المرأة أو قال : حاضت لم يجز النظر إليها إلا إلى وجهها وكفيها

                                                                                                                                            وقال صلى الله عليه وسلم : إذا أراد أحدكم خطب امرأة فلينظر إلى وجهها وكفيها فإن ذلك أدوم لما بينهما

                                                                                                                                            وأما حديث عائشة ، رضي الله عنها ، فيه عنه جوابان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه امتنع من النظر إليها - وهي فضل

                                                                                                                                            والثاني : أنه فعل ذلك تنزيها لما رفع الله سبحانه من قدره وأبان من فضله

                                                                                                                                            وأما حديث علي عليه السلام فللناس فيه تأويلان :

                                                                                                                                            أحدهما : معناه لا تتبع نظر قلبك نظر عينك

                                                                                                                                            والثاني : لا تتبع النظرة الأولى التي وقعت سهوا للنظرة الثانية التي تقع عمدا

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية