مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وإن خفي موضع النجاسة من الثوب غسله كله لا يجزئه غيره " .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا كان معه فعليه غسلها ، وليس له الاجتهاد فيه ، لأن كل موضع من الثوب مساو لغيره في جواز طهارته ، وحلول النجاسة فيه ، ولأن الحظر ، والإباحة إذا اختلطا غلب حكم الحظر ، ولم يسع فيه الاجتهاد ، وإذا تميزا ، وأشكلا ساغ فيهما الاجتهاد ، فعلى هذا لو شق الثوب لم يجز له الاجتهاد لجواز أن يصادف الثوب محل النجاسة فتحصل النجاسة فيهما جميعا ، فلو كان ثوب واحد أصابته نجاسة لا يعرف موضعها وغسل ما يؤديه الاجتهاد إلى نجاسته ففيه وجهان : الثوب قميصا فعلم أن النجاسة في أحد كميه فأراد الاجتهاد بينهما
أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج يجوز ، لأن أحد الكمين طاهر بالاجتهاد ، والآخر طاهر بالغسل على معنى ما قاله في الثوبين .
[ ص: 247 ] والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي لا يجوز ، لأنه قد تيقن حلول النجاسة في أحدهما وهو شاك في زوالها ، فلو أخبره ثقة بحلول النجاسة في أحدهما فهل يجوز له قبول خبره أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يجوز إذا قيل : إن الاجتهاد فيهما لا يجوز .
والوجه الثاني : يجوز إذا قيل إن الاجتهاد فيهما يجوز .