مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ففيها قولان : أحدهما : أن عليه القود وهو أولاهما لأنه قتل وليس بمسلم ، والثاني : أن لا قود عليه لأنه لا يقر على دينه ( قال ولو قتل مرتد نصرانيا ثم رجع المزني ) - رحمه الله - قد أبان أن الأول أولاهما فالأولى أحق بالصواب وقد دل قوله في رفع القود عنه لأنه لا يقر على دينه على أنه لو كان القاتل نصرانيا يقر على دينه لكان القود عليه وإن أسلم ( قال المزني ) رحمه الله : فإذا كان النصراني الذي يقر على دينه الحرام الدم إذا أسلم يقتل بالنصراني فالمباح الدم بالردة أحق أن يقاد بالنصراني وإن أسلم في قياس قوله .
قال الماوردي ، ففي وجوب القود عليه قولان : : إذا قتل مرتد نصرانيا صاحب عهد أو جزية
أحدهما : وهو قول المزني : أن القود على المرتد واجب ، سواء أقام على ردته أو رجع إلى الإسلام لأمرين :
أحدهما : اجتماعهما على الكفر ، وإن تنوع واختلف لأن جميع الكفر ملة [ ص: 80 ] واحدة ، ثم النصراني أحسن حالا من المرتد ، لأنه يقر على نصرانيته ، والمرتد لا يقر على ردته .
والثاني : أنه لما كان حدوث إسلام النصراني بعد أن قتل نصرانيا لا يمنع من القود لاجتماعهما على الكفر عند القتل ، كذلك تقدم إسلام المرتد على قتله أولى أن لا يمنع من القود ، لأن حرمة الإسلام عند ثبوته أوكد من حرمته بعد زواله .
والقول الثاني : أنه لا قود على المرتد في قتل النصراني لأمرين :
أحدهما : أن من جرت عليه أحكام الإسلام لم تزل عنه بالردة كالصلاة والصيام .
والثاني : أنه لما أجرى على المرتد أحكام الإسلام في غير القود ، بما يؤخذ من زكاة ماله ، ويؤخذ بقضاء ما ترك من صلوات وقته ، ولا يؤخذ منه الجزية ، لأن لا يجري عليه صغار الكفر ، وتمنع المرتدة من نكاح كافر لثبوت حرمة الإسلام لها ، وجب أن يكون حكم الإسلام جاريا عليه في سقوط القود بقتل الكافر ، وبهذا يدفع احتجاج المزني .